(المناقب) جمع منقبة، وهي الفعل الكريم الذي
يفتخر به ويثنى على فاعله بالجميل.
١ - باب: قول الله تعالى: ﴿يا أيها الناس إنا خلقناكم
من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم﴾
/الحجرات: ١٣/.
وقوله: ﴿واتقوا الله الذي تساءلون به
والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا﴾ /النساء: ١/.
وما ينهى عن دعوى الجاهلية.
الشعوب النسب البعيد، والقبائل دون
ذلك.
(شعوبا) جمع شعب، وهو يجمع عديدا من القبائل.
(تساءلون به) أي يسأل بعضكم بعضا بالله تعالى فيقول: أسألك بالله أن تفعل كذا،
ليحثه على الفعل ونحوه، والأرحام جمع رحم، وهم القرابة من النسب. (رقيبا) مراقبا
لأعمالكم وأحوالكم ومجازيا عليها. (دعوى الجاهلية) التناصر بالعصبية، والتفاخر
بالآباء. (النسب البعيد) مثل مضر وربيعة. (دون ذلك) مثل قريش وتميم ونحوها.
٣٣٠٠ - حدثنا خالد بن يزيد الكاهلي:
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي
الله عنهما:
﴿وجعلناكم
شعوبا وقبائل﴾. قال: الشعوب القبائل العظام، والقبائل البطون.
٣٣٠١ - حدثنا محمد بن بشار: حَدَّثَنَا
يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ
أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال:
قيل: يا رسول الله من أكرم الناس؟
قال: (أتقاهم). قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: (فيوسف نبي الله).
[ر: ٣١٧٥]
٣٣٠٢ - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حدثنا كليب بن وائل قال: حدثتني ربيبة النبي ﷺ زينب
بنت أبي سلمة، قال:
قلت لها: أرأيت النبي ﷺ أكان من مضر؟
قالت: فممن كان إلا من مضر، من بني النضر بن كنانة.
٣٣٠٣ - حدثنا موسى: حدثنا عبد الواحد: حدثنا
كليب: حدثتني ربيبة النبي ﷺ وأظنها زينب - قَالَتْ:
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عن الدباء
والحنتم والمقير والمزفت، وقلت لها: أخبريني: النبي ﷺ ممن كان من مضر كان؟ قالت:
فممن كان إلا من مضر، كان من ولد النضر بن كنانة.
(ربيبة) بنت زوجته. (زينب) بنت أبي سلمة.
(الدباء) القرع واليقطين كان يتخذ منه وعاء. (الحنتم) جرار مدهونة خضر. (المقير)
المطلي بالقار، قال في الفتح: كذا وقع هنا .. والصواب: النقير، لئلا يلزم منه
التكرار، أي لأن المزفت هو المقير. والمقير: أصل الشجرة ينقر ويجوف فيصير وعاء.
(المزفت) المطلي بالزفت. والمراد بالنهي عن هذه الآنية النهي عن الانتباذ فيها، أي
نقع التمر أو الزبيب بالماء، لأنها يسرع فيها التخمر، فربما شرب النقيع على ظن أنه
غير مسكر وكان مسكرا، وانظر الحديث: ٥٣.
٣٣٠٤ - حدثني إسحاق بن إبراهيم: أخبرنا
جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ،
عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،
عَنْ رَسُولِ الله ﷺ قال: (تجدون
الناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، وتجدون خير الناس
في هذا الشأن أشد له كراهية، وتجدون شر الناس ذا الوجهين، الذي يأتي هؤلاء بوجه،
ويأتي هؤلاء بوجه).
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
خيار الناس، رقم: ٢٥٢٦. (معادن) جمع معدن وهو ما يستخرج من الجواهر، ووجه التشبيه
أن المعادن تشتمل على جواهر مختلفة من نفيس وخسيس، وكذلك الناس مختلفون في الشرف
وكرم النفس والسلوك. (خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام) من كان منهم ذا شرف
في الجاهلية ازداد شرفا ورفعة بالإسلام. (فقهوا) فهموا أصول الدين وأحكامه. (هذا
الشأن) أي الإمارة والخلافة. (أشدهم له كراهية) أي الذي يكرهه ولا يطمع فيه، فإذا
اختير له وأسند إليه، أعانه الله تعالى عليه وسدد خطاه ووفقه. (ذا الوجهين) هو
المنافق الذي يسعى بين الطائفتين، ويأتي كلا بوجه يختلف عما يأتي به الآخر.
٣٣٠٥ - حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا المغيرة،
عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قال: (الناس تبع
لقريش في هذا الشأن، مسلمهم تبع لمسلمهم، وكافرهم تبع لكافرهم. والناس معادن،
خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، تجدون من خير الناس أشد الناس
كراهية لهذا الشأن حتى يقع فيه).
أخرجه مسلم في الإمارة، باب: الناس
تبع لقريش والخلافة في قريش، رقم: ١٨١٨. (تبع لقريش) أي هم المقدمون في الإمارة،
وعلى الناس أن يطيعوهم في ذلك. (حتى يقع فيه) أي يتولاه عن رغبة وحرص، فتزول عنه
الخيرية. أو المراد: أنه إذا ولي الأمر وهو لا يطمع فيه، وجب عليه أن يقوم بحقه
قيام الراغب فيه، دون إهمال أو تقصير.
٣٣٠٦ - حدثنا مسدد: حدثنا يحيى، عن شعبة:
حدثني عبد الملك، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:
﴿إلا
المودة في القربى﴾. قال: فقال: سعيد بن جبير: قربى محمد ﷺ، فَقَالَ: إِنَّ
النَّبِيَّ ﷺ لم يكن بطن من قريش إلا وله فيه قرابة، فنزلت عليه: إلا أن تصلوا
قرابة بيني وبينكم.
[٤٥٤١]
(المودة في القربى) تودون أهل قرابتي ولا
تؤذونهم /الشورى: ٢٣/. والمراد بقرابته ﷺ بنو هاشم وبنو المطلب الذين نصروه وكانوا
معه قبل أن يسلموا وبعد أن أسلموا. (فنزلت) أي فنزل هذا المعنى.
٣٣٠٧ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي
مَسْعُودٍ،
يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ قال: (من
ها هنا جاءت الفتن، نحو المشرق، والجفاء وغلظ القلوب في الفدادين أهل الوبر، عند
أصول أذناب الإبل والبقر، في ربيعة ومضر).
[ر: ٣١٢٦]
(الفتن) حركات الشر والفساد والفرقة في
الأمة. (الجفاء) سوء الخلق والطبع، والإعراض والمقاطعة.
٣٣٠٨ - حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن
الزهري قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أن أبا هريرة رضي
الله عنه قال:
سمعت رسول الله ﷺ يقول: (الفخر
والخيلاء في الفدادين أهل الوبر، والسكينة في أهل الغنم، والإيمان يمان، والحكمة
يمانية).
قال أبو عبد الله: سميت اليمن لأنها
عن يمين الكعبة، والشأم لأنها عن يسار الكعبة، والمشأمة الميسرة، واليد اليسرى
الشؤمى، والجانب الأيسر الأشأم.
[ر: ٣١٢٥]
(يمان) نسبة إلى اليمن، أي يكون الإيمان في
أهله قويا، وقيل: المراد الأنصار لأن أصلهم من اليمن. (الحكمة) حسن التصرف بوضع
الشيء في محله. (يمانية) أي تكون متأصلة في أهل اليمن.
٢ - باب: مناقب قريش.
٣٣٠٩ - حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن
الزهري قال: كان محمد ابن جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ يُحَدِّثُ:
أَنَّهُ بَلَغَ مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ
عِنْدَهُ فِي وَفْدٍ مِنْ قُرَيْشٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ
الْعَاصِ يُحَدِّثُ: أَنَّهُ سَيَكُونُ مَلِكٌ مِنْ قَحْطَانَ، فَغَضِبَ معاوية،
فَقَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا
بَعْدُ، فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رجالا منكم يتحدثون أحاديث ليست في كتاب
⦗١٢٩٠⦘
الله تعالى، ولا تؤثر عَنْ رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ، فأولئك جُهَّالُكُمْ، فَإِيَّاكُمْ وَالْأَمَانِيَّ الَّتِي تُضِلُّ
أَهْلَهَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: (إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ
فِي قُرَيْشٍ، لَا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه، ما أقاموا الدين).
[٦٧٢٠]
(الأماني) جمع أمنية وهي ما يؤمله الإنسان
ويرغب أن يحصل له في مستقبل الأيام. (الأمر) الخلافة والإمارة. (كبه الله) أذله
وخذله وألقاه منكوسا في جهنم. (ما أقاموا الدين) أي تجب طاعتهم وعدم منازعتهم،
طالما أنهم يقيمون شرع الله عز وجل ويلتزمون حدوده، فإن قصروا في ذلك أو تجاوزوه
جازت منازعتهم وسقطت طاعتهم.
٣٣١٠ - حدثنا أبو الوليد: حدثنا عاصم بن
محمد قال: سَمِعْتُ أَبِي، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: (لَا يَزَالُ
هَذَا الْأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بقي منهم اثنان).
[٦٧٢١]
أخرجه مسلم في الإمارة، باب: الناس
تبع لقريش والخلافة في قريش، رقم: ١٨٢٠. (لا يزال) يبقى ويستمر. (الأمر) الخلافة.
٣٣١١ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ:
حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ ابْنِ
الْمُسَيَّبِ، عَنْ جبير بن مطعم قال:
مشيت أنا وعثمان بن عفان، فقال: يا
رسول الله، أعطيت بني المطلب وتركتنا، وإنما نحن وهم منك بمنزلة واحدة؟ فَقَالَ
النَّبِيُّ ﷺ: (إِنَّمَا بنو هاشم وبنو عبد المطلب شيء واحد).
[ر: ٢٩٧١]
٣٣١٢ - وقال الليث: حدثني أبو الأسود محمد،
عن عروة بن الزبير قال:
ذهب عبد الله بن الزبير مع أناس من
بني زهرة إلى عائشة، وكانت أرق شيء عليهم، لقرابتهم مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
[ر: ٣٣١٤]
(أرق شيء) رفيقة بهم ومكرمة لهم. (لقرابتهم)
أي من جهة أمه ﷺ.
٣٣١٣ - حدثنا أبو النعيم: حدثنا سفيان، عن
سعد (ح). قال يعقوب بن إبراهيم: حدثنا أبي، عن أبيه قال: حدثني عبد الرحمن بن
هُرْمُزَ الْأَعْرَجُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (قريش،
والأنصار، وجهينة، ومزينة، وأسلم، وأشجع، وغفار، موالي، ليس لهم مولى دون الله
ورسوله).
[٣٣٢١]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
من فضائل غفار وأسلم وجهينة ..، رقم: ٢٥٢٠. (موالي) أنصاري والمختصون بي، فقد
بادروا إلى الإسلام والإيمان.
٣٣١٤ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
يُوسُفَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ، عَنْ
عُرْوَةَ بْنِ الزبير قال:
كان عبد الله بن الزبير أحب البشر
إلى عائشة بعد النَّبِيِّ ﷺ وَأَبِي بَكْرٍ، وكان أبر الناس بها، وكانت لا تمسك
شيئا مما جاءها من رزق الله إلا تصدقت، فقال ابن الزبير: ينبغي أن يؤخذ على يديها،
فقالت: أيؤخذ على يدي، علي نذر إن كلمته، فاستشفع إليها برجال من قريش، وبأخوال
رسول الله ﷺ خاصة فامتنعت، فقال له الزهريون، أخوال النبي ﷺ، منهم عبد الرحمن بن
الأسود ابن عبد يغوث، والمسور بن مخرمة: إذا استأذنا فاقتحم الحجاب، ففعل فأرسل
إليها بعشر رقاب فأعتقهم، ثم لم تزل تعتقهم، حتى بلغت أربعين، فقالت: وددت أني
جعلت حين حلفت عملا أعمله فأفرغ منه.
[٥٧٢٥،
وانظر: ٣٣١٢]
(يؤخذ على يديها) يحجر عليها وتمنع من
الإعطاء. (استأذنا) في الدخول على عائشة رضي الله عنها. (فاقتحم الحجاب) ارم نفسك داخل الستارة التي
تكون بيننا وبينها. (رقاب) عبيد وجوار، لتعتق منهم ما أرادت كفارة ليمينها.
(تعتقهم) أي تعتق الرقاب. (بلغت أربعين) أي رقبة، احتياطا في كفارة نذرها. (عملا)
أي رغبت أن أكون عنيت شيئا ما، أتبرر من نذري بفعله، ولكني نذرت مبهما، فيحتمل أن
يطلق على أكثر مما فعلت، وهذا يدل على زيادة ورعها رضي الله عنها.
(منه)
أي من ذاك العمل، فأتبرر من نذري، والتبرر من النذر تصديقه والوفاء به.
٣ - باب: نزل القرآن بلسان قريش.
٣٣١٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن أنس:
أن عثمان دعا زيد بن ثابت، وعبد الله
بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف،
وقال عثمان للرهط القرشين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من
القرآن، فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم. ففعلوا ذلك.
[٤٦٩٩،
٤٧٠٢]
(فنسخوها) نقلوها وكتبوها. (المصاحف) جمع
مصحف، وهو مجمع الصحف. (للرهط) يقال لما دون العشرة من الرجال. (في شيء) من الهجاء
أو الإعراب. (بلسان قريش) بلغتهم ولهجتهم.
٤ - باب: نسبة اليمن إلى إسماعيل.
منهم أسلم بن أفصى بن حارثة بن عمرو
بن عامر، من خزاعة.
٣٣١٦ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا
يَحْيَى، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أبي عبيد: حدثنا سمة رضي الله عنه قَالَ:
خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ على قوم من
أسلم يتناضلون بالسوق، فقال: (ارموا بني إسماعيل، فإن أباكم كان راميا، وأنا مع
بني فلان). لأحد الفريقين، فأمسكوا بأيديهم، فقال: (ما لهم). قالوا: وكيف نرمي
وأنت مع بني فلان؟ قال: (ارموا وأنا معكم كلكم).
[ر: ٢٧٤٣]
٣٣١٧ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ الحسين، عن عبد الله
ابن بريدة قال: حَدَّثَنِي يَحْيَى
بْنُ يَعْمَرَ: أَنَّ أَبَا الْأَسْوَدِ الدِّيلِيَّ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي
الله عنه:
أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يقول:
(ليس من رجل ادعى لغير أبيه - وهو يعلمه - إلا كفر، ومن ادعى قوما ليس له فيهم
نسب، فليتبوأ معقده من النار).
[انظر: ٥٦٩٨]
أخرجه مسلم في الإيمان، باب: بيان
حال إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم، رقم: ٦١. (ادعى) انتسب. (كفر) أي كفر بالنعمة
التي كانت لأبيه عليه، وفعل ما يشبه أفعال أهل الكفر، وإن استحل ذلك خرج عن
الإسلام. (ادعى قوما) انتسب إليهم. (نسب) قرابة. (فليتبوأ مقعده ..) فليتخذ منزله
فيها.
٣٣١٨ - حدثنا علي بن عياش: حدثنا حريز قال:
حدثني عبد الواحد بن عبد الله النصري قال: سمعت واثلة بن الأسقع يَقُولُ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إن من
أعظم الفرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه، أو يري عينه ما لم تره، أو يقول على رسول
الله
ﷺ ما لم يقل).
(الفرى) جمع فرية وهي الكذب والبهت
والاختلاق. (يدعي) ينتسب. (يري عينه) يدعي أنه رأى شيئا في المنام وهو لم يره،
وعظم ذنبه لأنه كذب على الله تعالى، لأنه ادعى الرؤيا الصادقة، وهي من الله تعالى
وجزء من النبوة، بينما هو في الحقيقة لم ينل شيئا من ذلك.
٣٣١٩ - حدثنا مسدد: حدثنا حماد، عَنْ أَبِي
جَمْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ:
قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ
عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله، إنا من هَذَا الْحَيَّ
مِنْ رَبِيعَةَ، قَدْ حَالَتْ بَيْنَنَا وبينك كفار مضر، فلسنا نخلص إليك إلا في
كل شهر حرام، فلو أمرتنا بأمر نأخذه عنك ونبلغه مَنْ وَرَاءَنَا، قَالَ:
(آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أربع: الْإِيمَانِ بِاللَّهِ شَهَادَةِ
أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ،
وَأَنْ تُؤَدُّوا إلى الله خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ. وَأَنْهَاكُمْ عَنِ
الدُّبَّاءِ، وَالْحَنْتَمِ، والنقير، والمزفت).
[ر: ٥٣]
٣٣٢٠ - حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن
الزهري، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عَبْدَ الله بن عمر رضي الله
عنهما قال:
سمعت رسول الله ﷺ يقول وهو على
المنبر: (ألا إن الفتنة ها هنا - يشير إلى المشرق - من حيث يطلع قرن الشيطان).
[ر: ٢٩٣٧]
٥ - باب: ذكر أسلم، وغفار، ومزينة، وجهينة، وأشجع.
٣٣٢١ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ:
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعْدِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (قريش،
والأنصار، وجهينة، ومزينة، وأسلم، وغفار، وأشجع، موالي، ليس لهم مولى دون الله
ورسوله).
[ر: ٣٣١٣]
٣٣٢٢ - حدثني مُحَمَّدُ بْنُ غُرَيْرٍ
الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إبراهيم، عن أبيه، عن صالح: حَدَّثَنَا
نَافِعٌ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَخْبَرَهُ:
أَنَّ رسول الله ﷺ قال على المنبر:
(غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا، وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ، وعصية عصت الله
ورسوله).
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، بَاب:
دُعَاءِ النَّبِيِّ ﷺ لغفار وأسلم، رقم: ٢٥١٨. (غفار) اسم قبيلة وكذلك أسلم وعصية.
(غفر الله لها) دعاء لهم بالمغفرة، أو هو إخبار عن وقوع المغفرة لهم بالفعل.
(سالمها الله) من المسالمة وهي ترك الحرب، أي صنع بهم ما يوافقهم وسلمهم مما
يكرهون، حيث دخلوا في الإسلام من غير حرب. (عصت ..) أي فاستحقت اللعنة والعذاب،
وذلك لقتلهم القراء يوم بئر معونة، انظر: ٢٨٨٠ ومواضعه.
٣٣٢٣ - حدثني محمد: أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي
الله عنه،
عن النبي ﷺ قال: (أسلم سالمها الله،
وغفار غفر الله لها).
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، بَاب:
دُعَاءِ النَّبِيِّ ﷺ لغفار وأسلم، رقم: ٢٥١٤.
٣٣٢٤ - حدثنا قبيصة: حدثنا سفيان. حدثني
محمد بن بشار: حدثنا ابن مهدي، عن سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ
عُمَيْرٍ، عَنْ عبد الرحمن ابن أبي بكرة، عن أبيه:
قال النبي ﷺ: (أرأيتم إن كان جهينة
ومزينة وأسلم وغفار خيرا من بني تميم، وبني أسد، ومن بني عبد الله بن غطفان، ومن
بني عامر بن صعصعة). فقال رجل: خابوا
وخسروا، فقال: (هم خير من بني تميم، ومن بني أسد، ومن بني عبد الله بن غطفان، ومن
بني عامر بن صعصعة).
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
من فضائل غفار وأسلم وجهينة، رقم: ٢٥٢٢. (رجل) هو الأقرع بن حابس. (خابوا وخسروا)
أي هم أقل من هذا.
٣٣٢٥ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ:
حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عن محمد ابن أبي يعقوب قال: سمعت عبد
الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه:
أن الأقرع بن حابس قال للنبي ﷺ: إنما
بايعك سراق الحجيج، من أسلم وغفار ومزينة - وأحسبه - وجهينة - ابن أبي يعقوب شك -
قال النبي ﷺ: (أرأيت إن كان أسلم وغفار ومزينة - وأحسبه - وجهينة خيرا من بني
تميم، وبني عامر، وأسد، وغطفان، خابوا وخسروا). قال نعم، قال: (والذي نفسي بيده
إنهم لخير منهم).
[٦٢٥٩]
(سراق الحجيج) كانوا يتهمون بفعل ذلك في
الجاهلية، فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بالثناء عليهم أن يمحو تلك السبة عنهم، وأن
يعلم الناس أن ما أسلف منهم مغفور لهم بدخولهم في الإسلام.
٣٣٢٦ - حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا حماد، عن
أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (أسلم وغفار
وشيء من مزينة وجهينة، أو قال: شيء من جهينة أو مزينة خير عند الله - أو قال: يوم
القيامة - من أسد، وتميم وهوازن، وغطفان).
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
من فضائل غفار وأسلم وجهينة ..، رقم: ٢٥٢١. (قال قال) فاعل قال الأولى أبو هريرة رضي
الله عنه، وفاعل قال الثانية هو النبي ﷺ.
٦ - باب: ابن أخت القوم ومولى القوم منهم.
٣٣٢٧ - حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا شعبة، عن
قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:
دَعَا النَّبِيُّ ﷺ الْأَنْصَارَ
فقال: (هل فيكم أحد من غيركم). قالوا: لا، إلا ابن أخت لنا، فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ: (ابن أخت القوم منهم).
[ر: ٢٩٧٧]
٧ - باب: قصة إسلام أبي ذر رضي الله عنه.
٣٣٢٨ - حدثنا زيد، هو ابن أخزم: قال أبو
قتيبة سلم بن قتيبة: حدثني مثنى بن سعيد القصير قال: حدثني أبو جمرة قال:
قال لنا ابن عباس: ألا أخبركم بإسلام
أبي ذر؟ قال: قلنا: بلى، قال: قال أبو ذر: كنت رجلا من غفار، فبلغنا أن رجلا قد
خرج بمكة يزعم أنه نبي، فقلت لأخي: انطلق إلى هذا الرجل كلمه وأتني بخبره، فانطلق
فلقيه
⦗١٢٩٥⦘
ثم رجع، فقلت: ما عندك؟ فقال: والله
لقد رأيت رجلا يأمر بالخير وينهى عن الشر، فقلت له: لم تشفني من الخبر، فأخذت
جرابا وعصا، ثم أقبلت إلى مكة، فجعلت لا أعرفه، وأكره أن أسأل عنه، واشرب من ماء
زمزم وأكون في المسجد، قال: فمر بي علي فقال: كأن الرجل غريب؟ قال: قلت: نعم، قال:
فانطلق إلى المنزل، قال: فانطلقت معه، لا يسألني عن شيء ولا أخبره، فلما أصبحت
غدوت إلى المسجد لأسأل عنه، وليس أحد يخبرني عنه بشيء، قال: فمر بي علي، فقال: أما
نال للرجل يعرف منزله بعد؟ قال: قلت: لا، قال: انطلق معي، قال: فقال: ما أمرك، وما
أقدمك هذه البلدة؟ قال: قلت له: إن كتمت علي أخبرتك، قال: فإني أفعل، قال: قلت له:
بلغنا أنه قد خرج ها هنا رجل يزعم أنه نبي، فأرسلت أخي ليكلمه، فرجع ولم يشفني من
الخبر، فأردت أن ألقاه، فقال له: أما إنك قد رشدت، هذا وجهي إليه فاتبعني، ادخل
حيث ادخل، فإني إن رأيت أحدا أخافه عليك، قمت إلى الحائط كأني أصلح نعلي وامض أنت،
فمضى ومضيت معه حتى دخل ودخلت معه عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقُلْتُ له: اعرض علي
الإسلام، فعرضه فأسلمت مكاني، فقال لي: (يا أبا ذر، اكتم هذا الأمر، وارجع إلى
بلدك، فإذا بلغك ظهورنا فأقبل). فقلت: والذي بعثك بالحق، لأصرخن بها بين أظهرهم،
فجاء إلى المسجد وقريش فيه، فقال: يا معشر قريش، إني أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ
إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أن محمدا عبده ورسوله. فقالوا: قوموا إلى هذا الصابئ،
فقاموا فضربت لأموت، فأدركني العباس فأكب علي ثم أقبل عليهم، فقال: ويلكم، تقتلون
رجلا من غفار، ومتجركم وممركم على غفار، فأقلعوا عني، فلما أن أصبحت الغد رجعت،
فقلت مثل ما قلت بالأمس، فقالوا: قوموا إلى هذا الصابئ، فصنع بي مثل ما صنع
بالأمس، وأدركني العباس فأكب علي، وقال مثل
⦗١٢٩٦⦘
مقالته بالأمس. قال: فكان هذا أول
إسلام أبي ذر رحمه الله.
[٣٦٤٨]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
من فضائل أبي ذر رضي الله عنه، رقم: ٢٤٧٤. (لأخي) هو أنيس. (جرابا) وعاء من جلد
يوضع
فيه زاد المسافر. (فجعلت لا أعرفه)
أي تظاهر أنه لا يعرفه حتى لا تدري به قريش فيؤذوه، أو: لم يعرفه من بين القوم.
(غدوت) من الغدو وهو الذهاب أول النهار. (نال) آن، أي ما جاء الوقت. (وجهي إليه)
توجهي إليه. (ظهورنا) غلبتنا وانتصارنا على المشركين. (لأصرخن) لأرفعن صوتي
بإسلامي وكلمة الشهادة. (بين أظهرهم) بينهم. (الصابئ) المفارق لدين قومه، من صبأ
يصبؤ إذا انتقل من شي إلى شيء. (لأموت) أي ضربوه ضربا كاد يموت منه. (فأقلعوا عني)
كفوا عن ضربي.
٨ - باب: ذكر قحطان.
٣٣٢٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حدثني سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ،
عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ قال: (لا تَقُومُ
السَّاعَةُ، حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ
مِنْ قَحْطَانَ، يسوق الناس بعصاه).
[٦٧٠٠]
أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة،
باب: لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل ..، رقم: ٢٩١٠. (رجل) قيل اسمه جهجاه. (قحطان)
قبيلة من قبائل العرب المشهورة. (يسوق الناس بعصاه) كناية عن تسلطه على الناس
وتسخيره لهم، كما يسوق الراعي الغنم.
٩ - باب: ما ينهى من دعوى الجاهلية.
٣٣٣٠ - حدثنا محمد: أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ
بْنُ يَزِيدَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قال: أخبرني عمرو بن دينار: أَنَّهُ
سَمِعَ جَابِرًا رضي الله عنه يَقُولُ:
غزونا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وقد
ثاب معه ناس من المهاجرين حتى كثروا، وكان من المهاجرين رجل لعاب، فكسع أنصاريا،
فغضب الأنصاري غضبا شديدا حتى تداعوا، وقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري:
يا للمهاجرين، فَخَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: (مَا بال دعوى أهل الجاهلية؟ ثم
قال: ما شأنهم). فأخبر بكسعة المهاجري الأنصاري، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ:
(دعوها فإنها خبيثة). وقال عبد الله بن أبي سلول: أقد تداعوا علينا، لئن رجعنا إلى
المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فقال عمر: ألا نقتل يا رسول الله هذا الخبيث؟
لعبد الله، فقال النبي ﷺ: (لا يتحدث الناس أنه كان يقتل أصحابه).
[٤٦٢٢،
٤٦٢٤]
أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب،
باب: نصر الأخ ظالما أو مظلوما، رقم: ٢٥٨٤. (غزونا) قيل غزوة المريسيع، وقيل غزوة
بني المصطلق، سنة ست من الهجرة. (ثاب) اجتمع. (لعاب) يلعب بالحراب كما تصنع
الحبشة، وقيل: مزاح، واسمه جهجاه بن قيس الغفاري، وكان أجير عمر بن الخطاب رضي
الله عنه. (فكسع)
من الكسع، وهو ضرب دبر غيره بيده أو رجله، وقيل هو ضرب العجز بالقدم. (أنصاريا) هو
سنان بن وبرة. (تداعوا) استغاثوا ونادى بعضهم بعضا. (ما بال دعوى الجاهلية) ما
حالها بينكم، وهي التناصر والتداعي بالآباء، أي: لا تداعوا بها بل تداعوا بالإسلام
الذي يؤلف بينكم. (ما شأنهم) ما جرى لهم. (دعوها) اتركوا هذه المقالة. (خبيثة)
قبيحة منكرة وكريهة مؤذية، تثير الغضب والتقاتل على الباطل.
٣٣٣١ - حَدَّثَنِي ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ:
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الأعمش، عن عبد الله ابن مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، عن النبي ﷺ. وعن سفيان، عن زبيد، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال:
(لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، ودعى بدعوى الجاهلية).
[ر: ١٢٣٢]
١٠ - باب: قصة خزاعة.
٣٣٣٢ - حدثني إسحاق بن إبراهيم: حدثنا يحيى
بن آدم: أخبرنا إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عن أبي
هريرة رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ قال: (عمرو بن لحي بن
قمعة بن خندف أبو خزاعة).
٣٣٣٣ - حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن
الزهري قال: سمعت سعيد بن المسيب قال:
البحيرة التي يمنع درها للطواغيت ولا
يحلبها أحد من الناس، والسائبة التي كانوا يسيبونها لآلهتهم فلا يحمل عليها شيء.
قال: وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (رأيت عمرو بن عامر بن لحي الخزاعي يجر قصبه في النار، وكان
أول من سيب السوائب).
[٤٣٤٧،
وانظر: ١١٥٤]
أخرجه مسلم في الجنة وصفة نعيمها
وأهلها، باب: النار يدخلها الجبارون ..، رقم: ٢٨٥٦. (البحيرة) هي الناقة إذا نتجت
خمسة أبطن آخرها ذكر، شقوا أذنها وحرموا ركوبها ولبنها، وتركوها فلا تطرد عن ماء
ولا عن مرعى. (درها) لبنها. (للطواغيت) لأجلها، جمع طاغوت وهو كل رأس في الضلال.
(يسيبونها) وكانوا ربما نذروا ذلك. (قصبه) أمعاءه، وقيل: ما كان أسفل البطن من
الأمعاء.
١١ - باب: قصة زمزم وجهل العرب.
٣٣٣٤ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ:
حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال:
إذا سرك أن تعلم جهل العرب، فاقرأ ما
فوق الثلاثين ومائة في سورة الأنعام: ﴿قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم﴾
إلى قوله ﴿قد ضلوا وما كانوا
⦗١٢٩٨⦘
مهتدين﴾.
(إذا سرك) أفرحك، أي أحببت ورغبت. (ما فوق
الثلاثين ومائة) أي الآيات التي تبين جهلهم وفعلهم وترد عليهم وهي من: ١٣٦ - ١٥٠.
(خسر) وخسارتهم في الدنيا بضياع أولادهم، وفي الآخرة بالعذاب الأليم. (قتلوا
أولادهم) دفنوا بناتهم أحياء خشية العار والفقر، وربما قتلوا الذكور أيضا خوف
الفقر. (سفها) خفة في عقولهم وجهالة. (بغير علم) من غير علم أتاهم في ذلك، وجهلا
منهم أن الله تعالى هو رازق أولادهم، وليسوا هم الذين يرزقونهم /الأنعام: ١٤٠/.
(إلى قوله) وتتمتها: ﴿وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله﴾. (رزقهم الله) من
الحرث والأنعام. (افتراء على الله) كذبا واختلاقا عليه، حيث ادعوا أنه تعالى أمرهم
بذلك.
١٢ - باب: من انتسب إلى آبائه في الإسلام
والجاهلية.
وقال ابن عمر وأبو هريرة، عن النبي
ﷺ: (إن الكريم، ابن الكريم، ابن الكريم، ابن الكريم، يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن
إبراهيم خليل الله).
[ر: ٣٢٠٢، ٣١٧٥]
وقال الْبَرَاءُ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ:
(أنا ابن عبد المطلب).
[ر: ٢٧٧٢]
٣٣٣٥ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ:
حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الأعمش: حدثنا عمرو ابن مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عباس رضي الله عنهما قال:
لما نزلت: ﴿وأنذر عشيرتك الأقربين﴾
جَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ يُنَادِي: (يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ). لِبُطُونِ
قريش.
وقال لنا قبيصة: أخبرنا سفيان، عن
حبيب بن أبي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عباس قال: لما نزلت:
﴿وأنذر عشيرتك الأقربين﴾. جعل النبي ﷺ يدعوهم قبائل قبائل.
[ر: ١٣٣٠]
(أنذر) بلغهم الرسالة وحذرهم سوء العاقبة إن
أعرضوا. (عشيرتك) قومك، قريشا ومن تفرع منها. (الأقربين) الأقرب فالأقرب /الشعراء:
٢١٤/.
٣٣٣٦ - حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب:
أخبرنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه:
أن النبي ﷺ: (يا بني عبد مناف،
اشتروا أنفسكم من الله، يا بني عبد المطلب اشتروا أنفسكم من الله، يا أم الزبير بن
العوام عمة رسول الله، يا فاطمة بنت محمد، اشتريا أنفسكما من الله، لا أملك لكما
من الله شيئا، سلاني من مالي ما شئتما).
[ر: ٢٦٠٢]
١٣ - باب: قصة الحبش، وقول النَّبِيُّ ﷺ:
(يَا بَنِي أرفدة).
٣٣٣٧ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ:
حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عَائِشَةَ:
أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه دَخَلَ
عَلَيْهَا، وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِي أَيَّامِ مِنَى تُدَفِّفَانِ
وَتَضْرِبَانِ، وَالنَّبِيُّ ﷺ مُتَغَشٍّ بِثَوْبِهِ، فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو
بَكْرٍ، فَكَشَفَ النَّبِيُّ ﷺ عَنْ
⦗١٢٩٩⦘
وَجْهِهِ، فَقَالَ: (يَا أَبَا
بَكْرٍ، فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ). وَتِلْكَ الْأَيَّامُ أَيَّامُ مِنًى.
وَقَالَتْ عَائِشَةُ: رَأَيْتُ
النَّبِيَّ ﷺ يَسْتُرُنِي، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ، وَهُمْ
يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ، فَزَجَرَهُمْ عُمَرُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ:
(دَعْهُمْ، أَمْنًا بَنِي أَرْفِدَةَ). يَعْنِي مِنَ الْأَمْنِ.
[ر: ٤٤٣]
١٤ - باب: من أحب أن لا يسب نسبه.
٣٣٣٨ - حدثني عُثْمَانُ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هشام، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت:
استأذن حسان النبي ﷺ فِي هِجَاءِ
الْمُشْرِكِينَ، قال: (كيف بِنَسَبِي). فَقَالَ حَسَّانُ: لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ
كَمَا تُسَلُّ الشعرة من العجين، وعن أَبِيهِ قَالَ: ذَهَبْتُ أَسُبُّ حَسَّانَ
عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: لَا تَسُبُّهُ، فَإِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ عَنْ
النبي ﷺ.
[٣٩١٤،
٥٧٩٨]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
فضائل حسان بن ثابت رضي الله عنه، رقم: ٢٤٨٧، ٢٤٨٩. (كيف بنسبي) كيف تهجو قريشا مع
اجتماعي معهم في النسب. (لأسلنك منهم) لأخلصن نسبك من نسبهم بحيث يختص الهجاء بهم
دونك. (كما تسل الشعرة) أي فلا تنقطع ولا يتعلق بها شيء لنعومتها. (أبيه) أي أبي
هشام وهو عروة بن الزبير رضي الله عنه. (ينافح)
يدافع.
١٥ - باب: ما جاء في أسماء رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ.
وَقَوْلُ الله تعالى: ﴿محمد رسول
الله والذين معه أشداء على الكفار﴾ /الفتح: ٢٩/. وقوله: ﴿من بعدي اسمه أحمد﴾
/الصف: ٦/.
(من بعدي) هذا مقول عن لسان عيسى عليه السلام.
(أحمد)
اسم علم منقول من أفعل التفضيل بمعنى الأكثر حمدا، وهو بمعنى محمد الذي هو علم
منقول من معنى: من كثرت خصاله الحميدة.
٣٣٣٩ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْنٌ، عن مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: (لي خمسة
أسماء: أنا محمد، وأحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي
يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب).
[٤٦١٤]
أخرجه مسلم في الفضائل، باب: في
أسمائه ﷺ. رقم: ٢٣٥٤. (على قدمي) على أثري، وقيل معناه: يسألون عن شريعتي
لأنه لا نبي بعدي. (العاقب) الذي ليس
بعده أحد من الأنبياء.
٣٣٤٠ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عن أبي الزناد، عن الأعرج،
⦗١٣٠٠⦘
عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: (ألا تعجبون
كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم، يشتمون مذمما ويلعنون مذمما، وأنا محمد).
(يصرف الله عني) أي لعنهم وشتمهم فلا يصيبني،
لأنهم يلعنون ويشتمون غيري الذي يسمى مذمما، بينما اسمي محمد، ﷺ. وكان كفار قريش
لشدة كراهتهم له ﷺ لا يسمونه باسمه الدال على المدح، فيعدلون إلى ضده فيقولون:
مذمم، وهو ليس اسمه ولا معروفا به، فكان الذي يقع منهم مصروفا إلى غيره بالبداهة،
فيحصل ضد قصدهم، ويرد الله تعالى كيدهم في نحرهم، ليموتوا في غيظهم.
١٦ - باب: خاتم النبيين ﷺ.
٣٣٤١ - حدثنا محمد بن سنان: حدثنا سليم:
حدثنا سعيد بن ميناء، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (مثلي ومثل
الأنبياء، كرجل بنى دارا، فأكملها وأحسنها إلا موضع لبنة، فجعل الناس يدخلونها
ويتعجبون ويقولون: لولا موضع اللبنة).
أخرجه مسلم في الفضائل، باب: ذكر
كونه ﷺ خاتم النبيين، رقم: ٢٢٨٧. (لولا موضع اللبنة) أي يوهم بالنقص لكان بناء
الدار كاملا، وهكذا ببعثته ﷺ وشريعته كمل البناء الإيماني والهدي الرباني، واكتمل
للإنسانية النور الذي يضيء لها أسباب السعادة، واكتملت مكارم الأخلاق، ودعائم الحق
والعدل.
٣٣٤٢ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ:
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ
أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ قال: (إن مثلي مثل
الأنبياء من قبلي، كمثل رجل بنى بيتا، فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل
الناس يطوفون به، ويعجبون له ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟ قال: فأنا اللبنة،
وأنا خاتم النبيين).
١٧ - باب: وفاة النَّبِيِّ ﷺ.
٣٣٤٣ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
يُوسُفَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ
بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها:
أن النبي ﷺ توفي وهو ابن ثلاث وستين.
وقال ابن شهاب: وأخبرني سعيد بن
المسيب مثله.
[٤١٩٦]
أخرجه مسلم في الفضائل، باب: كم سن
النبي ﷺ يوم قبض، رقم: ٢٣٤٩.
١٨ - باب: كنية النبي ﷺ.
٣٣٤٤ - حدثنا حفص بن عمر: حدثنا شعبة، عن
حميد، عن أنس رضي الله عنه قال:
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ فِي السُّوقِ،
فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، فَالْتَفَتَ النَّبِيَّ ﷺ، فَقَالَ:
(سَمُّوا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي).
[ر: ٢٠١٤]
٣٣٤٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ:
أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:
(تَسَمَّوْا بِاسْمِي ولا تكتنوا بكنيتي).
[ر: ٢٩٤٦]
٣٣٤٦ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عن أيوب، عن ابن سيرين قال: سمعت أبا هريرة يقول:
قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ ﷺ: (سموا
باسمي ولا تكتنوا بكنيتي).
[٥٨٣٤]
أخرجه مسلم في الآداب، باب: النهي عن
التكني بأبي القاسم ..، رقم: ٢١٣٤. (تكتنوا) من الكنية وهي كل علم يبدأ بأب أو أم.
٣٣٤٧ - حدثني إسحاق: أخبرنا الفضل بن موسى،
عن الجعيد بن عبد الرحمن:
رأيت السائب بن يزيد، ابن أربع
وتسعين، جلدا معتدلا، فقال: قد علمت: ما متعت به سمعت وبصري إلا بدعاء رسول الله
ﷺ، أن خالتي ذهبت بي إليه، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنَ أُخْتِي
شاك، فادع الله له، قال: فدعا لي.
[ر: ١٨٧]
(جلدا) قويا صلبا. (معتدلا) معتدل القامة مع
كونه معمرا. (شاك) مريض.
١٩ - باب: خاتم النبوة.
٣٣٤٨ - حدثنا محمد بن عبيد الله: حدثنا
حاتم، عَنِ الْجُعَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ
يزيد قال: ذَهَبَتْ بِي خَالَتِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، إِنَّ ابْنَ أُخْتِي وقع، فمسح رأسي ودعا لي بالبركة، وتوضأ فشربت من
وضلارئه، ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ بين كتفيه.
قال ابن عبيد الله: الحجلة من حجل
الفرس الذي بين عينيه. قال إبراهيم ابن حمزة: مثل زر الحجلة.
[ر: ١٨٧]
(وقع) في نسخة. (وقع) ومعناه: وجع، وقيل:
يشتكي رجله. (حجل الفرس) البياض الذي يكون في قوائمها.
٢٠ - باب: صفة النبي ﷺ.
٣٣٤٩ - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ
عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ بن أبي حسين، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ
بْنِ الحارث قال:
صلى أبو بكر رضي الله عنه العصر، ثم
خرج يمشي، فرأى الحسن يلعب مع الصبيان فحمله على عاتقه، وقال: بأبي، شبيه بالنبي
لا شبيه بعلي، وعلي يضحك.
[٣٥٤٠]
(شبيه بالنبي لا شبيه بعلي) أي هو أكثر شبها
بالنبي ﷺ جده، من علي رضي الله عنه أبيه. (يضحك) أي موافقا له في قوله، معبرا عن
رضاه بذلك وسروره.
٣٣٥٠ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ:
حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا إسماعيل، عن أبي جحيفة رضي الله عنه قَالَ:
رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ، وكان الحسن
يشبهه.
٣٣٥١ - حدثني عمرو بن علي: حدثنا ابن فضيل:
حدثنا إسماعيل بن أبي خالد قال: سمعت أبا جحيفة رضي الله عنه قَالَ:
رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ وكان الحسن بن
علي عليهما السلام يشبهه، قلت لأبي جحيفة: صفه لي، قال: كان أبيض قد شمط، وأمر لنا
النبي ﷺ بثلاث عشرة قلوصا، قال: فقبض النبي ﷺ قبل أن نقبضها.
أخرجه مسلم في الفضائل، باب: شيبه ﷺ،
رقم: ٢٣٤٣. (شمط) صار شعر رأسه: السواد مختلطا بالبياض. (قلوصا) هي الإنثى من
الإبل، وقيل: هي طويلة القوائم، وقيل غير ذلك.
٣٣٥٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
رَجَاءٍ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عن وهب أبي جحيفة
السوائي قَالَ:
رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ، ورأيت بياضا
من تحت شفته السفلى، العنفقة.
أخرجه مسلم في الفضائل، باب: شيبه ﷺ،
رقم: ٢٣٤٢. (العنفقة) هي الشعر الذي ينبت تحت الشفة السفلى وفوق الذقن، ويكون
قليلا غالبا.
٣٣٥٣ - حدثنا عصام بن خالد: حدثنا حريز بن
عثمان:
أنه سأل عبد الله بن بسر، صاحب النبي
ﷺ، قال: أرأيت النبي ﷺ كان شيخا؟ قال: كان في عنفقته شعرات بيض.
(شيخا) هو في الأصلمن أدرك الشيخوخة، وهي
غالبا عند الخمسين، ويكثر عندها الشيب في الشعر غالبا، وهذا المراد بالسؤال هنا،
أي هو يسأل: هل كان ﷺ كثير الشيب.
٣٣٥٤ - حدثني ابن بكير قال: حدثني الليث، عن
خالد، عن سعيد ابن أبي
⦗١٣٠٣⦘
هلال، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن
قال:
سمعت أنس بن مالك يصف النَّبِيِّ ﷺ
قَالَ: كَانَ ربعة من القوم، ليس بالطويل ولا بالقصير، أزهر اللون، ليس بأبيض أمهق
ولا آدم، ليس بجعد قطط ولا سبط رجل، أنزل عليه وهو ابن أربعين، فلبث بمكة عشر سنين
ينزل عليه، وبالمدينة عشر سنين، وقبض وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ
عِشْرُونَ شَعَرَةً بَيْضَاءَ.
قال ربيعة: فرأيت شعرا من شعره، فإذا
هو أحمر، فسألت، فقيل: احمر من الطيب.
أخرجه مسلم في الفضائل، باب: في صفة
النبي ﷺ ومبعثه وسنه، رقم: ٢٣٤٧. (أزهر اللون) أبيض مشرب بحمرة. (أمهق) خالص
البياض. (آدم) شديد السمرة. (بجعد) متكسر الشعر. (قطط) شديد الجعودة. (سبط) مسترسل
الشعر، ضد الجعد. (رجل) منسرح الشعر. (فلبث بمكة عشر سنين) أي بعد الأمر بالجهر
بالدعوة، وبعد أن حمي الوحي وتتابع.
٣٣٥٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ بن أنس، عن ربيعة ابن أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَيْسَ
بالطويل البائن، ولا بالقصير، ولا بِالْأَبْيَضِ الْأَمْهَقِ، وَلَيْسَ
بِالْآدَمِ، وَلَيْسَ بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ، وَلَا بِالسَّبْطِ، بَعَثَهُ اللَّهُ
عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ، وَبِالْمَدِينَةِ
عَشْرَ سنين، فتوفاه الله وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعَرَةً
بَيْضَاءَ.
[٥٥٦٠،
٥٥٦٣ - ٥٥٦٨]
(البائن) المفرط الطول، الظاهر على غيره،
المفارق لمن سواه.
٣٣٥٦ - حدثنا أحمد بن سعيد أبو عبد الله:
حدثنا إسحاق بن منصور: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
أَبِي إسحاق قال: سمعت البراء يَقُولُ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أحسن الناس
وجها، وأحسنهم خلقا، ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير.
[٣٣٥٨،
٣٣٥٩، ٥٥١٠، ٥٥٦١]
أخرجه مسلم في الفضائل، باب: في صفة
النبي ﷺ وأنه كان أحسن الناس وجها، رقم: ٢٣٣٧.
٣٣٥٧ - حدثنا أبو نعيم: حَدَّثَنَا
هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ:
سَأَلْتُ أَنَسًا: هل خضب النبي ﷺ؟
قال: لا، إنما كان شيء في صدغيه.
[٥٥٥٥،
٥٥٥٦]
أخرجه مسلم في الفضائل، باب: شيبه ﷺ،
رقم: ٢٣٤١. (خضب) صبغ شعره بالحناء ونحوه. (شيء) أي من الشيب قليل. (صدغيه) مثنى
الصدغ وهو ما بين الأذن والعين، ويسمى الشعر المتدلي عليه صدغا.
٣٣٥٨ - حدثنا حفص بن عمر: حدثنا شعبة، عن
أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ
⦗١٣٠٤⦘
عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ مربوعا، بعيد ما
بين المنكبين، له شعر يبلغ شحمة أذنيه، رأيته في حلة حمراء، لم أر شيئا قط أحسن
منه. قال يوسف بن أبي إسحاق، عن أبيه: إلى منكبيه.
(مربوعا) معتدل الطول. (بعيد ما بين
المنكبين) عريض أعلى الظهر، والمنكبان مثنى منكب، وهو ملتقى العضد بالكتف. (شحمة
أذنه) ما لان من أسفل أذنه. (حلة) ثوبين من نوع واحد، وتطلق على الثوب الجيد
الجديد.
٣٣٥٩ - حدثنا أبو نعيم: حدثنا زهير، عن أبي
إسحاق قال:
سئل البراء: أكان وجه النبي ﷺ مثل
السيف، قال: لا، بل مثل القمر.
[ر: ٣٣٥٦]
(مثل السيف) أي في البريق واللمعان والصقالة.
(مثل القمر) الذي هو فوق السيف في الإشراق، إلى جانب الاستدارة في جمال.
٣٣٦٠ - حدثنا الحسن بن منصور أبو علي: حدثنا
جحاج بن محمد الأعور بالمصيصة: حدثنا شعبة، عن الحكم قال: سمعت أبا جُحَيْفَةَ
قَالَ:
خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بالهاجرة
إلى البطحاء، فتوضأ، ثم صلى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ،
وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ. وزاد فيه عون، عن أبيه، عن أبي جحيفة قال: كان يمر من
ورائها المرأة، وقام الناس، فجعلوا يأخذون يديه فيمسحون بهما وجوههم، قال: فأخذت
بيده فوضعتها على وجهي، فإذا هي أبرد من الثلج، وأطيب رائحة من المسك.
[ر: ١٨٥]
(بالمصيصة) مدينة مشهورة بناها أبو جعفر
المنصور، وقد خربت.
٣٣٦١ - حدثنا عبدان: حدثنا عبد الله: أخبرنا
يونس، عن الزهري قال: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابن
عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ أَجْوَدَ
النَّاسِ، وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ، حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وكان
جبريل عليه السلام يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ
الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ أجود بالخير من الريح المرسلة.
[ر: ٦]
٣٣٦٢ - حدثنا يحيى: حدثنا عبد الرزاق: حدثنا
ابم جريج قال: أخبرني ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:
أن رسول الله ﷺ دخل عليها مسرورا،
تبرق أسارير وجهه. فقال: (ألم تسمعي ما قال المدلجي لزيد وأسامة، ورأى أقدامهما:
⦗١٣٠٥⦘
أن بعض هذه الأقدام من بعض).
[٣٥٢٥،
٦٣٨٨، ٦٣٨٩]
(تبرق) تضيء وتستنير من الفرح. (أسارير وجهه)
هي الخطوط التي تكون في الجبين وبريقها يكون عند الفرح. (المدلجي) نسبة إلى مدلج،
بطن من كنانة مشهور بالقيافة، وهي تتبع الآثار ومعرفتها، ومعرفة شبه الرجل بأخيه
وأبيه.
٣٣٦٣ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ:
حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ
قَالَ:
سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يحدث
حين تخلف عن تبوك، قال: فلما سلمت على رسول الله ﷺ وهو يبرق وجهه من السرور،
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذا سر استنار وجهه، حتى كأنه قطعة قمر، وكنا نعرف ذلك
منه.
[ر: ٢٦٠٦]
(استنار) أضاء. (نعرف ذلك منه) أي نعرف
السرور منه بما يظهر على وجهه من علائمه.
٣٣٦٤ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ:
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدٍ
الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ قال: (بعثت من خير
قرون ابن آدم، قرنا فقرنا، حتى كنت من القرن الذي كنت فيه).
(قرون) جمع قرن، وهو الطبقة من الناس
المجتمعين في عصر واحد. وقيل: هو مائة سنة، وقيل غير ذلك. (قرنا فقرنا) أي نقيت من
القرون وأفضلها، حال كونها قرنا بعد قرن.
٣٣٦٥ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ:
حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي
عُبَيْدُ اللَّهِ بن عبد الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما:
أن رسول الله ﷺ كان يسدل شعره، وكان
المشركون يفرقون رؤوسهم، وكان أهل الكتاب يسدلون رؤوسهم، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ
ﷺ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ
الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فيه بشيء، ثم فرق رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رَأْسَهُ.
[٣٧٢٨،
٥٥٧٣]
أخرجه مسلم في الفضائل، باب: في سدل
النبي ﷺ شعر رأسه إلى جانبيه، رقم: ٢٣٣٦. (يحب موافقة أهل الكتاب) لأنهم أقرب إلى
الحق من المشركين عبدة الأوثان، وهذا فيما لابد فيه من موافقة أحد الفريقين،
أما ما أمكن فيه مخالفة الجميع
فالمطلوب مخالفتهم فيه، كما ثبت في أحاديث كثيرة الأمر بمخالفة أهل الكتاب، والنهي
عن اتباع طريقتهم.
٣٣٦٦ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي
حَمْزَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عن أبي وائل، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ:
لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ ﷺ فاحشا ولا
متفحشا، وكان
⦗١٣٠٦⦘
يقول: (إن من خياركم أحسنكم أخلاقا).
[٣٥٤٩،
٥٦٨٢، ٥٦٨٨]
أخرجه مسلم في الفضائل، باب: كثرة
حيائه ﷺ، رقم: ٢٣٢١. (فاحشا) ناطقا بالفحش. (متفحشا) متكلفا في الفحش، يعني: أنه
لم يكن الفحش فيه خلقا أصليا ولا كسبيا، والفحش في الأصل الزيادة بالخروج عن الحد
المألوف، والمراد به هنا: سوء الخلق وبذاءة اللسان ونحو ذلك.
٣٣٦٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عَنْ عَائِشَةَ رضي
الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ:
مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
بَيْنَ أمرين إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِنْ كَانَ
إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
لِنَفْسِهِ إلا أن تنتهك حرمة الله، فينتقم لله بها.
[٥٧٧٥،
٦٤٠٤، ٦٤٦١]
أخرجه مسلم في الفضائل، باب: مباعدته
ﷺ للآثام ..، رقم: ٢٣٢٧. (أمرين) من أمور الدنيا، ويمكن حمله على أمور الدنيا
والدين. (إثما) أي ما يؤد الأيسر إلى معصية الله تعالى. (تنتهك حرمة الله) تتجاوز
حدوده ويخالف أمره أو نهيه. (فينتقم لله بها) ينتصر لله تعالى بؤاخذة من ارتكبها
بعقوبتها.
٣٣٦٨ - حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا حماد، عن
ثابت، عن أنس رضي الله عنه قال:
ما مسست حريرا ولا ديباجا ألين من كف
النبي ﷺ، ولا شممت ريحا قط أو عرفا قط أطيب من ريح أو عرف النبي ﷺ.
أخرجه مسلم في الفضائل، باب: طيب
رائحة النبي ﷺ ولين مسه ..، رقم: ٢٣٣٠. (ديباجا) نوع من الثياب المصنوعة من الحرير
الخالص. (عرفا) ريحا.
٣٣٦٩ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا
يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي
عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ أَشَدَّ حَيَاءً
مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا. حدثني محمد بن بشار: حدثنا يحيى وابن مهدي قالا:
حدثنا شعبة مثله: وإذا كره شيئا عرف في وجهه.
[٥٧٥١،
٥٧٦٨]
أخرجه مسلم في الفضائل، باب: كثرة
حيائه ﷺ، رقم: ٢٣٢٠. (العذراء) البكر، سميت بذلك لأن عذرتها وهي جلدة البكارة
باقية. (خدرها) سترها، وقيل: الخدر ستر يجعل للبكر في جانب البيت. والتشبيه
بالعذراء لكونها أكثر حياء من غيرها، والتقييد بقوله (في خدرها) مبالغة، لأن
العذراء يشتد حياؤها في الخلوة أكثر من خارجها، لأنها مظنة وقوع المعاشرة والفعل
بها. (عرف في وجهه) تغير وجهه، ولم يواجه أحدا بما يكرهه، فيعرف أصحابه كراهته لما
حدث.
٣٣٧٠ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ:
أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ
⦗١٣٠٧⦘
أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
مَا عَابَ النَّبِيُّ ﷺ طعاما قط، إن
اشتهاه أكله وإلا تركه.
[٥٠٩٣]
أخرجه مسلم في الأشربة، باب: لا يعيب
الطعام، رقم: ٢٠٦٤. (قط) هي ظرف زمان لاستغراق الماضي، أي في أي زمن مضى وانقطع.
٣٣٧١ - حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا بكر بن
مضر، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ عبد الله بن مالك ابن
بحينة الأسدي قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إذا سجد فرج بين
يديه حتى نرى إبطيه.
قال: وقال ابن بكير: حدثنا بكر: بياض
إبطيه.
[ر: ٣٨٣]
(فرج بين يديه) فتحهما ولم يضم مرفقيه إليه،
وهذه سنة السجود. (بياض إبطيه) المراد بالبياض أنهما لم يكن تحتهما شعر، فكانا
كلون جسده ﷺ، إما خلقة، وإما لدوام نتفه له وتعاهده لهما لا يبقى فيهما شعر.
٣٣٧٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ
حَمَّادٍ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ:
أَنَّ أنسا رضي الله عنه حَدَّثَهُمْ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كان لَا
يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ إلا في الاستسقاء، فإنه كان يرفع
يديه حتى يرى بياض إبطيه.
[ر: ٩٨٤]
٣٣٧٣ - حدثنا الحسن بن الصباح: حدثنا محمد
بن سابق: حدثنا مالك بن مغول قال: سمعت عون بن أبي جحيفة، ذكر عن أبيه قال:
دفعت إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ
بالأبطح في قبة، وكان بالهاجرة، خرج بلال فنادى بالصلاة ثم دخل، فأخرج فضل وضوء
رسول الله ﷺ، فوقع الناس عليه يأخذون منه، ثم دخل فأخرج العنزة، وخرج رسول اللَّهِ
ﷺ كَأَنِّي أَنْظُرُ إلى وبيص ساقيه، فركز العنزة، ثم صلى الظهر ركعتين، والعصر
ركعتين، يمر بين يديه الحمار والمرأة.
[ر: ١٨٥]
٣٣٧٤ - حدثنا الحسن بن صباح البزار:
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عائشة رضي الله
عنها:
أن النبي ﷺ كان يحدث حديثا لو عده
العاد لأحصاه.
لو عده العاد) أي لو عد كلمات حديثه.
(لأحصاه) لقدر على الإحاطة بعدده لقلة كلماته.
٣٣٧٥ - وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي
يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أنه قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ
⦗١٣٠٨⦘
الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ أنها
قالت:
ألا يعجبك أبو فلان، جاء فجلس إلى
جانب حجرتي يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يسمعني ذلك، وكنت أسبح، فقام قبل أن
أقضي سبحتي، ولو أدركته لرددت عليه: أن رسول الله ﷺ لم يكن يسرد الحديث كسردكم.
أخرجه مسلم في الفضائل، باب: من
فضائل أبي هريرة الدوسي رضي الله عنه، رقم: ٢٤٩٣. (أبو فلان) قيل: هو أبو هريرة رضي
الله عنه، كما في رواية مسلم. (يسمعني ذلك) يرفع صوته لأسمع ما يقول. (أسبح) أصلي
تطوعا. (أقضي سبحتي) أنتهي من صلاتي. (يسرد) يستعجل بمتابعة الحديث.
٢١ - باب: كان النبي ﷺ تنام عيناه ولا
ينام قلبه.
رواه سعيد بن ميناء، عَنْ جَابِرٍ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
[ر: ٦٨٥٢]
٣٣٧٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ:
أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رضي الله
عنها: كَيْفَ
كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في رمضان؟ قالت: ما كان يزيد في رمضان ولا غيره
على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربع ركعات، فلا تسأل عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ،
ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلَا تسأل عن حسنهن وكولهن، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا،
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تنام قبل أن توتر؟ قال: (تنام عيني ولا ينام قلبي).
[ر: ١٠٩٦]
٣٣٧٧ - حدثنا إسماعيل قال: حدثنني أخي، عن
سليمان، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ: سمعت أنس بن مالك
يحدثنا عن ليلة أسري بالنبي ﷺ مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ:
جاء ثَلَاثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ
يُوحَى إِلَيْهِ، وَهُوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَقَالَ
أَوَّلُهُمْ: أَيُّهُمْ هو؟ فقال أوسطهم: هو خيرهم، وقال آخرهم: خذوا خيرهم. فكانت
تلك، فلم يرهم حتى جاؤوا ليلة أخرى فما يرى قلبه، والنبي ﷺ نائمة عيناه وَلَا
يَنَامُ قَلْبُهُ، وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ ولا تنام
قلوبهم، فتولاه جبريل، ثم عرج به إلى السماء.
[٧٠٧٩]
أخرجه مسلم في الإيمان، باب: الإسراء
برسول الله ﷺ إلى السموات ..، رقم: ١٦٢. (ثلاثة نفر) هم من الملائكة. (أيهم هو)
أيهم محمد ﷺ، وقيل كان نائما بين عمه
الحمزة وابن عمه جعفر رضي الله عنهما. (فكانت
تلك) أي كانت تلك القصة، ولم يقع شيء آخر مثلها حتى ليلة الإسراء. (فتولاه جبريل)
تولى أمره وتهيئته للعروج به. (عرج) صعد.
٢٢ - باب: علامات النبوة في الإسلام.
٣٣٧٨ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ:
حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ: سمعت أبا رجاء قال: حدثنا عمران
⦗١٣٠٩⦘
بن حصين:
أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ
فِي مسير، فأدلجوا ليلتهم، حتى إذا كان وجه الصبح عرسوا، فغلبتهم أعينهم حتى
ارتفعت الشمس، فكان أول من استيقظ من منامه أبو بكر، وكان لا يوقظ رسول الله ﷺ من
منامه حتى يستيقظ، فاستيقظ عمر، فقعد أبو بكر عند رأسه، فجعل يكبر ويرفع صوته حتى
استيقظ النبي ﷺ، فنزل وصلى بنا الغداة، فاعتزل رجل من القوم لم يصل معنا، فلما
انصرف قال: (يا فلان، ما يمنعك أن تصلي معنا). قال: أصابتني جنابة، فأمره أن يتيمم
بالصعيد، ثم صلى، وجعلني رسول الله ﷺ في ركوب بين يديه، وقد عطشنا عطشا شديدا
فبينما نحن نسير، إذا نحن بامرأة سادلة رجليها بين مزادتين، فقلنا لها: أين الماء؟
فقالت: إنه لا ماء، فقلنا: كم بين أهلك وبين الماء؟ قالت: يوم وليلة، فقلنا:
انطلقي إلى رسول الله ﷺ، قالت: وما رسول الله؟ فلم نكلمها من أمره حتى استقبلنا
بها النبي ﷺ، فحدثته بمثل الذي حدثتنا، غير أنها حدثته أنها مؤتمة، فأمر
بمزادتيها، فمسح في العزلاوين، فشربنا عطاشا أربعين رجلا حتى روينا، فملأنا كل
قربة معنا وإداوة، غير أنه لم نسق بعيرا، وهي تكاد تنض من الملء، ثم قال: (هاتوا
ما عندكم). فجمع لها من الكسر والتمر، حتى أتت أهلها. قالت: لقيت أسحر الناس، أو
هو نبي كما زعموا، فهدى الله ذلك الصرم بتلك المرأة، فأسلمت وأسلموا.
[ر: ٣٣٧]
(فأدلجوا) من الإدلاج وهو السير أول الليل.
(عرسوا) من التعريس، وهو نزول المسافرين آخر الليل للاستراحة. (الغداة) صلاة
الفجر. (ركوب) جمع راكب. (بين يديه) أمامه. (سادلة) مرسلة، من سدل ثوبه إذا أرخاه.
(فلم نملكها من أمرها) لم نخلها وشأنها حتى تملك أمرها، ولم نمهلها. (مؤتمة) من
أيتمت المرأة إذا صار أولادها أيتاما. (العزلاوين) تثنية عزلاء، وهي فم القربة
الأسفل. (عطاشا) أي حالة كوننا عطاشا. (إداوة) إناء صغير من جلد ونحوه يوضع فيه
الماء. (تنض) من نض الماء إذا سال قليلا قليلا، وفي رواية (تبض) أي ثنشق ويسيل
منها الماء. (الملء) الامتلاء.
٣٣٧٩ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ:
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عن سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي
الله عنه قال:
أتى النبي ﷺ بإناء، وهو بالزوراء،
فوضع يده في الإناء، فجعل الماء ينبع من بين أصابعه، فتوضأ القوم. قال قتادة: قلت
لأنس: كم كنتم؟ قال: ثلاثمائة، أو زهاء ثلاثمائة.
(الزوراء) اسم موضع في سوق المدينة تلك
الأيام. (زهاء) مقدار.
٣٣٨٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ الله
ابن أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ
بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ:
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وحانت
صلاة العصر، فالتمس الْوَضُوءَ فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
بِوَضُوءٍ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدَهُ في ذلك الإناء، فأمر الناس أن
يتوضؤوا منه، فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه، فتوضأ الناس، حتى توضؤوا من عند
آخرهم.
٣٣٨١ - حدثنا عبد الرحمن بن مبارك: حدثنا
حزم قال: سمعت الحسن قال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:
خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ في بعض مخارجه،
ومعه ناس من أصحابه، فانطلقوا يسيرون، فحضرت الصلاة، فلم يجدوا ماء يتوضؤون،
فانطلق رجل من القوم، فجاء بقدح من ماء يسير، فأخذه النبي ﷺ فتوضأ، ثم مد أصابعه
الأربع على القدح، ثم قال: (قوموا فتوضؤوا). فتوضأ القوم حتى بلغوا فيما يريدون من
الوضوء، وكانوا سبعين أو نحوه.
(بعض مخارجه) بعض أسفاره. (بلغوا فيما يريدون
..) أي توضؤوا الوضوء الكامل الذي يريدونه.
٣٣٨٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مُنِيرٍ: سَمِعَ يَزِيدَ: أخبرنا حميد، عن أنس رضي الله عنه قال:
حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَقَامَ مَنْ
كَانَ قَرِيبَ الدَّارِ من المسجد فتوضأ، وبقي قوم، فأتي النبي ﷺ بِمِخْضَبٍ مِنْ
حِجَارَةٍ فيه ماء، فوضع كفه، فصغر المخضب أن يبسط فيه كفه، فضم أصابعه فوضعها في
المخضب، فتوضأ القوم كلهم جميعا. قلت: كم كانوا؟ قال: ثمانون رجلا.
[ر: ١٦٧]
٣٣٨٣ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ
إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بن مسلم: حدثنا حُصَيْنٍ، عَنْ
سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جابر بن عبد اله رضي الله عنهما قال:
عطش الناس يوم الحديبية، والنبي ﷺ
بين يديه ركوة فتوضأ، فجهش الناس نحوه، فقال: (ما لكم). قالوا: ليس عندنا ماء
نتوضأ ولا نشرب إلا ما بين يديك، فوضع يده في الركوة، فجعل الماء يثور بين أصابعه
كأمثال العيون، فشربنا وتوضأنا. قلت: كم كنتم؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا
خمس عشرة مائة.
[٣٩٢١
- ٣٩٢٣،
٤٥٦٠، ٥٣١٦]
(ركوة) إناء صغير من الجلد يشرب منها الماء.
(فجهش ..) أسرعوا إلى أخذ الماء. (يثور) وفي رواية يفور، وهما بمعنى واحد، أي يخرج
متدفقا.
٣٣٨٤ - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ
إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ رضي
الله عنه قال:
كنا يوم الحديبية أربع عشرة مائة،
والحديبية بئر، فنزحناها حتى لم نترك فيها قطرة، فجلس النبي ﷺ على شفير البئر فدعا
بماء، فمضمض ومج في البئر، فمكثنا غير بعيد، ثم استقينا حتى روينا، وروت أو صدرت
ركائبنا.
[٣٩١٩،
٣٩٢٠]
(شفير البئر) حده وطرفه. (مج) لفظ ما في فمه
من الماء. (صدرت) رجعت. (ركائبنا) وفي نسخة (ركابنا) وهي الإبل التي تحمل القوم
المسافرين.
٣٣٨٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عن إسحاق بن عبد الله ابن أَبِي طَلْحَةَ: أَنَّهُ
سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ:
لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ ضَعِيفًا، أَعْرِفُ فِيهِ الْجُوعَ، فَهَلْ عِنْدَكِ من شيء؟ قالت: نعم،
فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ، ثُمَّ أَخْرَجَتْ خِمَارًا لها، فلقت الخبز
ببعضه، ثم دسته تحت يدي ولاثتني بِبَعْضِهِ، ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ، قَالَ: فَذَهَبْتُ بِهِ، فَوَجَدْتُ رسول الله ﷺ في الْمَسْجِدِ
وَمَعَهُ النَّاسُ، فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
(أَرْسَلَكَ أبو طلحة). فقلت: نعم، قال: (بطعام). قلت: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ لِمَنْ مَعَهُ: (قُومُوا). فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ
أَيْدِيهِمْ، حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ أَبُو
طَلْحَةَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالنَّاسِ، وليس
عندنا مَا نُطْعِمُهُمْ؟ فَقَالَتْ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَانْطَلَقَ
أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
وَأَبُو طلحة معه، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (هَلُمِّي يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، مَا
عِنْدَكِ). فَأَتَتْ بذلك الخبز، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ففت، وعصرت أم
سليم عكة فأدمته، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فيه ما شاء أَنْ يَقُولَ، ثُمَّ
قَالَ: (ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ). فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ
خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ: (ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ). فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى
شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ: (ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ). فَأَكَلَ الْقَوْمُ
كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا، وَالْقَوْمُ سَبْعُونَ أَوْ
⦗١٣١٢⦘
ثمانون رجلا.
[ر: ٤١٢]
أخرجه مسلم في الأشربة، باب: جواز
استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه بذلك، رقم: ٢٠٤٠. (خمارا) ثوبا تغطي به المرأة
رأسها. (دسته) أدخلته بقوة. (لاثتني) لفت بعضه على رأسه وبعضه على إبطه، من
الالتياث وهو الالتفاف. (عكة) إناء مسشتدير من جلد، يجعل فيه السمن والعسل غالبا.
(فأدمته) جعلته إداما للمفتوت.
٣٣٨٦ - حدثني مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى:
حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ: حدثنا إسرائيل، عن منصور، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قال:
كنا نعد الآيات بركة، وأنتم تعدونها
تخويفا، كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في سفر، فقل الماء، فقا: (اطلبوا فضلة من
ماء). فجاؤوا بإناء فيه ماء قليل، فأدخل يده في الإناء ثم قال: (حي على الطهور
المبارك، والبركة من الله). فلقد رأيت الماء ينبع من بين أَصَابِعِ رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ، ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل.
(الآيات) المعجزات وهي الأمور الخارقة
للعادة. (بركة) فضلا وتكرما من الله تعالى، والبركة النماء والزيادة. (سفر) قيل في
الحديبية، وقيل في خيبر. (تخويفا) لأجل التخويف. (اطلبوا ..) ابحثوا عن شيء من ماء
بقي لدى واحد منكم. (حي على الطهور) تعالوا وتطهروا بالماء. (المبارك) الذي نما
وزاد بفضل الله تعالى، ففيه خير ونور. (كنا) عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
٣٣٨٧ - حدثنا أبو نعيم: حدثنا زكرياء قال:
حدثني عامر قال: حدثني جابر رضي الله عنه:
أن أباه توفي وعليه دين، فَأَتَيْتُ
النَّبِيَّ ﷺ فَقُلْتُ: إن أبي ترك عليه دينا، وليس عندي إلا ما يخرج نخله، ولا
يبلغ ما يخرج سنين ما عليه، فانطلق معي لكي لا يفحش علي الغرماء، فمشى حول بيدر من
بيادر التمر فدعا، ثم آخر، ثم جلس عليه، فقال: (انزعوه). فأوفاهم الذي لهم، وبقي
مثل ما أعطاهم.
[ر: ٢٠٢٠]
(يفحش) من الإفحاش وهو تجاوز الحد في الشيء
من الكلام أو غيره. (انزعوه) أخرجوه من البيدر وخذوا منه حقكم.
٣٣٨٨ - حدثنا أبو موسى بن إسماعيل: حدثنا
معتمر، عن أبيه، حدثنا أبو عثمان: أنه حدثه عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما:
أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا
أُنَاسًا فُقَرَاءَ، وَأَنَّ النبي ﷺ قال مرة: (مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ
اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ، ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس أو
سادس). أو كما قال: وأن أبا بكر جاء بثلاثة، وانطلق النبي ﷺ بعشرة، وأبو بكر
وثلاثة، قال: فهو أنا وأبي وأمي، ولا أدري هل قال: امرأتي وخادمي، بين بيتنا
وَبَيْنَ بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النَّبِيِّ
ﷺ، ثم لبث حتى صلى العشاء،
⦗١٣١٣⦘
ثم رجع فلبث حتى تعشى رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ، فَجَاءَ بعد ما أمضى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ، قَالَتْ لَهُ
امرأته: ما حبسك عن أضيافك أو ضيفك؟ قال: أو ما عشيتهم؟ قالت: أبوا حتى تجيء، قد
عرضوا عليهم فغلبوهم، فذهبت فَاخْتَبَأْتُ، فَقَالَ: يَا غُنْثَرُ، فَجَدَّعَ
وَسَبَّ، وَقَالَ: كلوا، وقال: لا أطعمه أبدا، قال: وايم الله، ما كنا نأخذ من
اللقمة إلا ربا من أسفلها أكثر منها حَتَّى شَبِعُوا، وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا
كَانَتْ قَبْلَ، فنظر أبو بكر: فإذا شيء أو أكثر، قال لامرأته: يا أخت بني فراس،
قَالَتْ: لَا وَقُرَّةِ عَيْنِي، لَهِيَ الْآنَ أَكْثَرُ مما قبل بِثَلَاثِ
مَرَّاتٍ. فَأَكَلَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ: إنما كان الشَّيْطَانِ، يَعْنِي
يَمِينَهُ، ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً، ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ
فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ، وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عهد، فمضى الأجل
فتفرقنا اثنا عشر رجلا، مع كل مِنْهُمْ أُنَاسٌ، اللَّهُ أَعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ
رجل، غير أنه بعث معهم، قال: أكلوا منها أجمعون. أو كما قال.
[ر: ٥٧٧]
(أصحاب الصفة) الذين كانوا يقيمون فيها، وهي
مكان مظلل في مؤخرة المسجد النبوي، أعد لنزول الغرباء فيه ومن لا مأوى له ولا أهل.
وكان عمل هؤلاء تعلم العلم والجهاد، وكانوا يقلون ويكثرون. (فغلبوهم) أي غلب
الأضياف آل أبي بكر رضي الله عنهم بالامتناع عن الأكل. (فتفرقنا اثنا عشر) عند
مسلم: اثني عشر، والرواية الأولى على لغة من يجعل المثنى بالألف في جميع أحواله.
٣٣٨٩ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا
حَمَّادٌ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ. وَعَنْ يُونُسَ، عَنْ ثَابِتٍ،
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قال:
أصاب أهل المدينة قحط عَلَى عَهْدِ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فبينا هو يخطب يوم جمعة، إِذْ قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ هلكت الكراع، هلكت الشاء، فادع الله يسقينا. فمد يديه ودعا، قال
أنس: وإن السماء لمثل الزجاجة، فهاجت ريح أنشأت سحابا، ثم اجتمع، ثم أرسلت السماء
عزاليها، فخرجنا نخوض الماء حتى أتينا منازلنا، فلم نزل نمطر إلى الجمعة الأخرى،
فقام إليه ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ غَيْرُهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، تهدمت
البيوت، فادع الله يحبسه. فتبسم ثم قال: (حوالينا ولا علينا). فنظرت إلى السحاب
تصدع حول المدينة كأنه إكليل.
[ر: ٨٩٠]
(لمثل الزجاجة) أي في شدة الصفاء من
الكدورات، أي ليس فيها شيء من السحاب. (عزاليها) جمع عزلاء وهي فم القربة من
أسفلها. (يحبسه) يمنع المطر. (تصدع) تشقق.
٣٣٩٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ كثير أبو غسان: حدثنا أبو حفص، واسمه عمر بن
العلاء، أخو أبي عمرو بن العلاء، قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعًا، عَنِ ابْنِ عُمَرَ
رَضِيَ
⦗١٣١٤⦘
اللَّهُ عَنْهُمَا:
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَخْطُبُ إلى
جذع، فلما اتخذ المنبر تحول إليه فحن الجذع، فأتاه يمسح يده عليه.
وقال عبد الحميد: أخبرنا عثمان بن
عمر: أخبرنا معاذ بن العلاء، عن نافع بهذا. ورواه أبو عاصم، عن ابن أبي رواد، عَنْ
نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
(إلى جذع) أي مستندا إليه. (فحن) صوت وكأنه
يبكي. (فمسح ..) أي فسكن.
٣٣٩١ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أيمن قال: سمعت أبي، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ رضي الله عنهما:
أن النبي ﷺ كان يقوم يوم الجمعة إلى
شجرة أو نخلة، فقالت امرأة من الأنصار، أو رجل: يا رسول الله، ألا نجعل لك منبرا؟
قال: (إن شئتم). فجعلوا له منبرا، فلما كان يوم الجمعة دفع إلى المنبر، فصاحت
النخلة صياح الصبي، ثم نزل النبي ﷺ فضمها إليه، تئن أنين الصبي الذي يسكن. قال:
(كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها).
٣٣٩٢ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ:
حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ
قَالَ: أَخْبَرَنِي حَفْصُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ بن مالك: أَنَّهُ
سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما يقول:
كان المسجد مسقوفا على جذوع من نخل،
فكان النبي ﷺ إذا خطب يقوم إلى جذع منها، فلما صنع له المنبر وكان عليه، فسمعنا
لذلك الجذع صوتا كصوت العشار، حتى جاء النَّبِيُّ ﷺ فَوَضَعَ يَدَهُ عليها فسكنت.
[ر: ٤٣٨]
٣٣٩٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ:
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عدي، عن شعبة. حدثني بشر بن خالد: حدثنا محمد، عَنْ
شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ يحدث عن حذيفة:
أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي
الله عنه قال: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في الفتنة؟ فقال
حذيفة: أنا أحفظ كما قال، قال: هات، إنك لجريء، قال رسول الله ﷺ: (فِتْنَةُ
الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ، تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ
وَالصَّدَقَةُ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ). قال:
ليست هذه، ولكن التي تموج كموج البحر، قال: يا أمير المؤمنين، لابأس عليك منها، إن
بينك وبينها بابا مغلقا، قال: يفتح الباب أو يكسر؟ قال: لا، بل يكسر، قال: ذاك
أحرى أن لا يغلق، قلنا: علم الباب؟ قال: نعم، كما أن دون غد الليلة، إني حدثته
⦗١٣١٥⦘
حديثا ليس بالأغاليظ، فهبنا أن
نسأله، وأمرنا مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ: مَنِ الْبَابُ؟ قَالَ: عُمَرُ.
[ر: ٥٠٢]
٣٣٩٤ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ:
أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله
عنه،
عن النبي ﷺ قال: (لا تقوم الساعة حتى
تقاتلوا قوما نعالهم الشعر، وحتى تقاتلوا الترك، صغار الأعين، حمر الوجوه، ذلف
الأنوف، كأن وجوههم المجان المطرقة، وتجدون من خير الناس أشدهم كراهية لهذا الأمر
حتى يقع فيه، والناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام، وليأتين على
أحدكم زمان، لأن يراني أحب إليه من أن يكون له مثل أهله وماله).
أخرجه مسلم في الفضائل، باب: فضل
النظر إليه ﷺ وتمنيه، رقم: ٢٣٦٤. (لهذا الأمر) أي تولي الإمارة والحكم. (يقع فيه)
يحمل عليه رغما عنه برغبة الأمة. (والناس معادن) يشبهون المعادن من حيث اختلاف
جواهرها نفاسة وخساسة، والمعادن ما يستخرج من جواهر الأرض.
٣٣٩٥ - حَدَّثَنِي يَحْيَى: حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عن همام، عن
أبي هريرة رضي الله عنه:
أن النبي ﷺ قال: (لا تقوم الساعة حتى
تقاتلوا خوزا وكرمان من الأعاجم، حمر الوجوه، فطس الأنوف، صغار الأعين، وجوههم
المجان المطرقة، نعالهم الشعر).
تابعه غيره، عن عبد الرزاق.
(خوزا وكرمان) أي أهلهما، وخوز بلاد الأهواز
وتستر، وكرمان بين خراسان وبحر الهند. (فطس الأنوف) جمع أفطس من الفطاسة، وهي
انفراش الأنف. (غيره) غير يحيى، شيخ البخاري المذكور.
٣٣٩٦ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قال: قال إسماعيل: أخبرني قيس قال: أتينا أبا هريرة
رضي الله عنه فقال:
صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ثَلَاثٌ
سنين، لم أكن في سني أحرص على أن أعي الحديث مني فيهن، سمعته يقول، وقال هكذا
بيده: (بين يدي الساعة تقاتلون قوما نعالهم الشعر). وهو هذا البارز. وقال سفيان
مرة: وهم أهل البارز.
[ر: ٢٧٧٠]
(سني) أي مدة عمري، وفي رواية (شيء). (أعي)
أفهم وأحفظ. (قال هكذا بيده) أي أشار بيده. (بين يدي الساعة) قبل قيامها. (البارز)
الظاهرون في براز من الأرض لقتال أهل الإسلام، وفي تحديدهم أقوال. (البارز) اسم
للسوق بلغة العجم.
٣٣٩٧ - حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا جرير بن
حازم: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول:
(بين يدي الساعة، تقاتلون قوما ينتعلون الشعر، وتقاتلون قوما كأن وجوههم المجان
المطرقة).
[ر: ٢٧٦٩]
٣٣٩٨ - حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ:
أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ: أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول:
(تقاتلكم اليهود، فتسلطون عليهم، ثم يقول الحجر: يا مسلم، هذا يهودي ورائي فاقتله).
[ر: ٢٧٦٧]
أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة،
باب: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرجل ..، رقم:
٢٩٢١.
٣٣٩٩ - حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثننا سفيان،
عن عمرو، عن جابر، عن أبي سعيد رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ قَالَ: (يَأْتِي عَلَى
النَّاسِ زَمَانٌ يغزون، فيقال: فيكم من صحب رسول الله ﷺ؟ فيقولون: نعم، فيفتح
عليهم، ثم يغزون فيقال لهم: هل فيكم من صحب رسول الله ﷺ؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم).
[ر: ٢٧٤٠]
٣٤٠٠ - حدثني محمد بن الحكم: أخبرنا النضر:
أخبرنا إسرائيل: أخبرنا سعد الطائي: أخبرنا محل بن خليفة، عن عدي بن حاتم قال:
بينا أنا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ إِذْ
أتاه رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا قطع السبيل، فقال: (يا عدي، هل رأيت
الحيرة). قلت: لم أرها، وقد أنبئت عليها، قال: (فإن طالت بك الحياة، لترين الظعينة
ترتحل من الحيرة، حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدا إلا الله - قلت فيما بيني وبين
نفسي: فأين دعار طيء الذين قد سعروا في البلاد - ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز
كسرى). قلت: كسرى بن هرمز؟ قال: (كسرى بن هرمز، ولئن طالت بك حياة، لترين الرجل
يخرج ملء كفه من ذهب أو فضة، يطلب من يقبله فلا يجد أحدا يقبله منه، وليلقين الله
أحدكم يوم يلقاه، وليس بينه وبينه ترجمان يترجم له، فيقولن: ألم أبعث إليك رسولا
فيبلغك؟ فيقول: بلى، فيقول: ألم أعطك مالا وولدا وأفضل عليك؟ فيقول: بَلَى،
فَيَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ فَلَا
⦗١٣١٧⦘
يَرَى إِلَّا جهنم، وينظر عن يساره
فلا يرى إلا جهنم). قال عدي: سمعت النبي ﷺ يقول: (اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ
بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يجد شق تمرة، فبكلمة طيبة). قال عدي: فرأيت الظعينة
ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله، وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن
هرمز، ولئن طالت بكم الحياة، لترون ما قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يخرج
ملء كفه).
حدثني عبد الله: حدثنا أبو عاصم:
أَخْبَرَنَا سَعْدَانُ بْنُ بِشْرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُجَاهِدٍ: حدثنا محل بن
خليفة: سمعت عديا: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ.
[ر: ١٣٤٧]
(الفاقة) الفقر. (الحيرة) بلد معروف قديما
مجاور للكوفة. (الظعينة) هو في الأصل اسم الهوج، ثم قيل للمرأة في الهودج، وقد
تقال للمرأة مطلقا. (دعار) جمع داعر وهو الخبيث المفسد الفاسق، والمراد بهم قطاع
الطرق. (سعروا البلاد) أشعلوا فيها نار الفتنة وأفسدوها.
٣٤٠١ - حدثنا سعيد بن شرحبيل: حدثنا ليث،
عَنْ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ:
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ خَرَجَ يَوْمًا
فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى
الْمِنْبَرِ فَقَالَ: (إِنِّي فَرَطُكُمْ، وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ،
وَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَنْظُرُ إِلَى
حوضي الآن، وإني قد أعطيت خزائن مفاتيح الأرض، وإني والله ما أخاف بعدي أن تشركوا،
ولكن أخاف أن تنافسوا فيها).
[ر: ١٢٧٩]
٣٤٠٢ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ:
حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزهري، عن عروة، عن أُسَامَةَ رضي الله عنه قَالَ:
أَشْرَفَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى أُطُمٍ
مِنْ الآطام، فقال: (هل ترون ما أرى؟ إني أرى الفتن تقع خلال بيوتكم مواقع القطر).
[ر: ١٧٧٩]
٣٤٠٣ - حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن
الزهري قال: حدثني عروة ابن الزُّبَيْرِ: أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ
حَدَّثَتْهُ: أَنَّ أُمَّ حبيبة بنت أبي سفيان حدثتها، عن زينب بنت جحش:
أن النبي ﷺ دخل عليها فَزِعًا
يَقُولُ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيْلٌ للعرب من شر ما اقْتَرَبَ، فُتِحَ
الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مثل هذا). وحلق بإصبعه وبالتي تليها،
فقالت زينب: فقلت: يا رسول الله، أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ:
(نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الخبث).
[ر: ٣١٦٨]
٣٤٠٤ - وعن الزُّهْرِيِّ: حَدَّثَتْنِي
هِنْدُ بِنْتُ الْحَارِثِ: أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ:
اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ:
(سُبْحَانَ اللَّهِ، مَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الخزائن، وماذا أنزل من الفتن).
[ر: ١١٥]
٣٤٠٥ - حدثنا أبو نعيم: حدثنا عبد العزيز بن
أبي سلمة بن الْمَاجِشُونُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
⦗١٣١٨⦘
بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال:
قال لي: إني أراك تحب الغنم،
وتتخذها، فأصلحها وأصلح رعامها، فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يقول: (يأتي على
الناس زمان، تكون الغنم فيه خير مال المسلم، يتبع بها شعف الجبال، أو سعف الجبال،
في مواقع القطر، يفر بدينه من الفتن).
[ر: ١٩]
(أبيه) هو عبد الله بن أبي صعصعة، وعبد
الرحمن ابنه، ومنسوب هنا إلى جده. (قال قال لي) أي قال عبد الله: قال لي أبو ذر رضي
الله عنه. (تتخذها)
تقتنيها. (رعامها) هو ما يجري من أنفها، أي المخاط، ويروى (رعاتها) وفي العسقلاني:
وفي نسخة (رغامها) بالغين المعجمة: وهو الشراب فكأنه قال في الأول: داو مرضها، وفي
الثاني: أصلح مريضها. (سعف الجبال) جمع سعفة وهي في الأصل غصن النخل إذا يبس،
والمراد رؤوس الجبال.
٣٤٠٦ - حدثنا عبد العزيز الأويسي: حدثنا
إبراهيم، عن صالح ابن كيسان، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن:
أن أبا هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ: (سَتَكُونُ فِتَنٌ،
الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ
الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، ومن يشرف لها تستشرفه، ومن
وجد ملجأ أو معاذا فليعذ به).
أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة،
باب: نزول الفتن كمواقع القطر، رقم: ٢٨٨٦. (خير) أي أكثر سلامة وأقل شرا. (الساعي)
اسم فاعل من السعي وهو العدو والإسراع في السير، وهو تشبيه لمن يشارك في الفتن
ويجتهد في إثارتها. (يشرف لها) من الإشراف، وهو الانتصاب للشيء والتعرض له والتطلع
إليه. (تستشرفه) تغلبه وتصرعه وتهلكه. (ملجأ) موضعا يلتجيء إليه ويحمي نفسه فيه من
الفتن. (معاذا) بمعنى الملجأ.
٣٤٠٧ - وعن ابن شهاب: حدثني أَبُو بَكْرِ
بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عبد الرحمن بن مطيع الأسود، عن
نوفل بن معاوية:
مثل حديث أبي هريرة هذا، إلا أن بكر
زيد: (من الصلاة صلاة، من فاتته، فكأنما وتر أهله وماله).
[٦٦٧٠،
٦٦٧١]
(هذا) إشارة إلى الحديث السابق. (صلاة) هي
صلاة العصر. (وتر) من وتره حقه إذا نقصه، والمراد أنه خسر الخير الكثير.
٣٤٠٨ - حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان،
عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن ابْنُ مَسْعُودٍ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: (ستكون أثرة
وأمور تنكرونها). قالوا: يا رسول الله
⦗١٣١٩⦘
فما تأمرنا؟ قال: (تؤدون الحق الذي
عليكم، وتسألون الله الذي لكم).
[٦٦٤٤]
أخرجه مسلم في الإمارة، باب: وجوب
الوفاء ببيعة الخلفاء فالأول، رقم: ١٨٤٣. (أثرة) استبدادا واختصاصا بالأموال التي
من حقها أن تكون مشتركة للجميع. (تسألون الله الذي لكم) تطلبون من الله تعالى أن
يدفع
عنكم شر ولاة الجور، وأن يصلحهم،
ويعوضكم خيرا مما فاتكم باستئثارهم عليكم.
٣٤٠٩ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
الرَّحِيمِ: حَدَّثَنَا أَبُو معمر إسماعيل
ابن إبراهيم: حدثنا أبو أسامة: حدثنا
شعبة، عن أبي التياح، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ: (يهلك الناس هذا
الحي من قريش). قالوا: فما تأمرنا؟ قال: (لو أن الناس اعتزلوهم).
قال محمود: حدثنا أبو داود: أخبرنا
شعبة، عن أبي التياح: سمعت أبا زرعة.
أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة،
باب: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرجل ..، رقم:
٢٩١٧. (يهلك الناس) أي بسبب طلبهم للملك من أهله تقع الفتن والحروب بينهم، ويتخبط
الناس وتضطرب أحوالهم. (هذا الحي) أي الغلمان المذكورون في الحديث بعده، وهم بعض
قريش لا كلهم. (اعتزلوهم) فلا تداخلوهم ولا تقاتلوا معهم.
٣٤١٠ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الْمَكِّيُّ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بن يحيى بن سعيد الأموي، عن جده قال: كنت مع
مروان وأبي هريرة، فسمعت أبا هريرة يقول:
سمعت الصادق المصدوق يقول: (هلاك
أُمَّتِي عَلَى يَدَيْ غِلْمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ). فَقَالَ مروان: غلمة؟ قال أبو
هريرة: إن شئت أن أسميهم بني فلان وبني فلان.
[٦٦٤٩]
(الصادق) بنفسه. (المصدوق) من عند الله
تعالى، والمصدق من عند الناس. (غلمة) جمع قلة غلام، وهو هنا من طر شاربه، والمراد:
أنهم لم يخبروا الأمور بعد، فيكون منهم سفاهة وطيش وإضرار بالأمة. (أسميهم) أذكرهم
بأسمائهم.
٣٤١١ - حدثنا يحيى بن موسى: حدثنا الوليد
قال: حدثني ابن جابر قال: حدثني بسر بن عبيد الله الحضرمي قال: حدثني أبو
إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ: أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ:
كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ
يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رسول الله، إنا كنا في الجاهلية وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا
اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ:
(نَعَمْ). قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: (نَعَمْ،
⦗١٣٢٠⦘
وَفِيهِ دَخَنٌ). قُلْتُ وَمَا
دَخَنُهُ؟ قَالَ: (قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ
وَتُنْكِرُ). قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قال: (نعم، دعاة
إلى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا). قلت: يا
رسول الله، صفهم لنا؟ فقال: (هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ
بِأَلْسِنَتِنَا). قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ:
تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ
لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟ قَالَ: (فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا،
وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ، حَتَّى يدركك الموت وأنت على ذلك).
أخرجه مسلم في الإمارة، باب: وجوب
ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن، رقم: ١٨٤٧. (أسأله عن الشر) أستوضحه عنه.
(مخافة أن يدركني) خوفا من أن أقع فيه أو أدرك زمنه. (دخن) من الدخان، أي ليس خيرا
خالصا، بل فيه ما يشوبه ويكدره، وقيل الدخن الأمور المكروهة. (تعرف منهم وتنكر) أي
ترى منهم أشياء موافقة للشرع، وأشياء مخالفة له. (جلدتنا) من أنفسننا وقومنا،
وقيل: هم في الظاهر مثلنا ومعنا، وفي الباطن مخالفون لنا في أمورهم وشؤونهم، وجلدة
الشيء ظاهره. (جماعة المسلمين) عامتهم التي تلتزم بالكتاب والسنة. (إمامهم) أميرهم
العادل الذي اختاروه ونصبوه عليهم. (تعض بأصل شجرة) أي حتى ولو كان الاعتزال بالعض
على أصل شجرة، والعض هو الأخذ بالأسنان والشد عليها، والمراد المبالغة في الاعتزال.
٣٤١٢ - حدثني محمد بن المثنى قال: حدثني
يحيى بن سعيد، عن إسماعيل: حدثني قيس، عن حذيفة رضي الله عنه قال:
تعلم أصحابي الخير، وتعلمت الشر.
[٦٦٧٣]
٣٤١٣ - حدثنا الحكم بن نافع: حَدَّثَنَا
شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ: أَنَّ أَبَا
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ: (لا تقوم الساعة
حتى يقتتل فئتان دعواهما واحدة).
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ،
عَنْ أَبِي هريرة رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ قَالَ: (لَا تَقُومُ
السَّاعَةُ حتى يقتتل فئتان، فيكون بينهما مقتلة عظيمة، دعواهما واحدة. ولا تقوم
الساعة حتى يبعث دجالون كذابون، قريبا مِنْ ثَلَاثِينَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ
أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ).
[٦٥٣٦،
٦٧٠٤، وانظر: ٩٨٩، ٥٦٩٠]
أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة،
باب: إذا توجه المسلمان بسيفيهما، وباب: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ
الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرجل ..، رقم: ١٥٧. (فئتان) تثنية فئة وهي الجماعة. (دعواهما
واحدة) والمعنى: أن دينهما واحد، فكل منهما يتسمى بالإسلام، أو المراد: أن كلا
منهما تدعي أنها صاحبة الحق، وأن خصمها مبطل. (دجالون) جمع دجال، من الدجل وهو
التخليط والتمويه، ويطلق على الكذب. (يزعم) يدعي، بقوله أو بفعله.
٣٤١٤ - حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن
الزهري قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ أَبَا
سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه قَالَ:
بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ وهو يقسم قسما، أتاه ذو الخويصرة، وهو رجل من بني تميم، فقال: يا رسول
الله اعدل، فَقَالَ: (وَيْلَكَ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ، قد خبت
وخسرت إن لم أكن أعدل). فقال عمر: يا رسول الله، ائذن لي فيه فأضرب عنقه؟ فقال:
(دَعْهُ، فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مع صلاتهم،
وصيامه مع صيامهم، يقرؤون الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ
مِنَ الدِّينِ كما يمرق السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ
فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فما يُوجَدُ فِيهِ
شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ - وهو قدحه - فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ،
ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، قَدْ سَبَقَ الفرث
والدم، آيتهم رجل أسود، إحدى عضديه مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ، أَوْ مِثْلُ
الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ، ويخرجون عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ).
قَالَ أَبُو سعيد: فأشهد أني سمعت
هذا الحديث مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه،
فأمر بذلك الرجل فالتمس فأتي به، حتى نظرت إليه على نعت النبي ﷺ الذي نعته.
[٤٧٧١،
٥٨١١، ٦٥٣٢، ٦٥٣٤]
أخرجه مسلم في الزكاة، باب: ذكر
الخوارج وصفاتهم، رقم: ١٠٦٤. (خبت وخسرت) أي أنت الخائب والخاسر إذا ظننت أني لا
أعدل، لأنك تعتقد نفسك تابعا لمن هذه صفته. (يحقر أحدكم صلاته) يجدها قليلة ويظنها
أقل ثوابا وقبولا. (مع صلاتهم) إذا قارنها بصلاتهم. (لا يجاوز تراقيهم) لا
يتعداها، والتراقي جمع ترقوة وهي عظم يصل ما بين ثغرة النحر والعاتق، والمراد: لا
يفقهون معناه، ولا تخشع له قلوبهم، ولا يؤثر في نفوسهم، فلا يعملون بمقتضاه.
(يمرقون) يخرجون منه سريعا دون أن يستفيدوا منه. (الرمية) هو الصيد المرمي، شبه
مروقهم من الدين بمروق السهم الذي يصيب الصيد، فيدخل فيه ويخرج منه دون أن يعلق به
شيء منه، لشدة سرعة خروجه. (نصله) حديدة السهم. (رصافه) هو العصب الذي يلوى فوق
مدخل النصل. (قدحه) هو عود السهم قبل أن يوضع له الريش. (قذذه) جمع قذة وهي واحدة
الريش الذي يعلق على السهم. (قد سبق الفرث والدم) أي لم يتعلق به شيء منهما لشدة
سرعته، والفرث ما يجتمع في الكرش مما تأكله ذوات الكروش. (آيتهم) علامتهم.
(البضعة) قطعة اللحم. (تدردر) تضطرب وتذهب وتجيء. (حين فرقة) أي زمن افتراق بينهم،
وفي رواية (على خير فرقة) أي أفضل طائفة. (نعت النبي) أي على وصفه الذي وصفه وحدده.
٣٤١٥ - حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان،
عن الأعمش، عن خيثمة، عن
⦗١٣٢٢⦘
سويد بن غفلة قال: قال علي رضي الله
عنه:
إذا حدثكم عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ،
فلأن أخر من السماء أحب إلي من أَكْذِبَ عَلَيْهِ، وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيمَا
بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، فإن الحرب خدعة، سمعت رسول الله ﷺ يقول: (يأتي في آخر
الزمان قوم، حدثاء الْأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ
قَوْلِ البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لا يجاوز إيمانهم
حناجرهم، فأينما لقيتوهم فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ
قَتَلَهُمْ يوم القيامة).
[٤٧٧٠،
٦٥٣١]
أخرجه مسلم في الزكاة، باب: التحريض
على قتل الخوارج، رقم: ١٠٦٦. (أخر) من الخرور وهو الوقوع والسقوط. (خدعة) بفتح
الخاء وكسرها وضمها، أي تمويه وإخفاء وتلون، وتكون بالتورية والتعريض وخلف الوعد
والكذب، والاقتصار على التورية أو التعريض أفضل، والمراد: أنه يلتزم ما سمعه في
الرواية عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وإن حدث من عنده فإنه يجتهد برأيه ويلون في
الكلام ما شاء ليقنع سامعه، وليس المراد أنه يخادع في حديثه، حاشاه رضي الله عنه.
(حدثاء
الأسنان) جمع حديث السن وهو الصغير. (سفهاء الأحلام) ضعفاء العقول، والسفهاء جمع
سفيه وهو الطائش خفيف العقل. (من قول خير البرية) أي من خير ما تقوله البرية، أو
هو القرآن والسنة، والبرية الخلق. (يمرقون) يخرجون. (الرمية) الصيد المرمي. (لا
يجاوز إيمانهم حناجرهم) أي لا يصل إلى قلوبهم، والحناجر جمع حنجرة، وهي رأس
الحلقوم الذي يرى من خارج الحلق.
٣٤١٦ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا قَيْسٌ، عَنْ
خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ قَالَ:
شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ،
وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا، ألا
تدعو الله لنا؟ قال: (كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض، فيجعل فيه، فيجاء
بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتين، وما يصده ذلك عن دينه. ويمشط بأمشاط الحديد
ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ
لَيَتِمَّنَّ هَذَا الْأَمْرُ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى
حضرموت، لا يخاف إلا الله، أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون).
[٣٦٣٩،
٦٥٤٤]
(متوسد بردة) جعلها وسادة له. (تستنصر) تطلب
النصرة من الله تعالى. (ليتمن) من الإتمام والكمال. (هذا الأمر) وهو الإسلام.
(تستعجلون) النتائج والثمرات.
٣٤١٧ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ: حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بن سعد: حدثنا ابن عون قال: أنبأني موسى بْنِ
أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:
أن النبي ﷺ افتقد ثابت بن قيس،
⦗١٣٢٣⦘
فقال رجل: يا رسول الله، أنا أعلم لك
علمه، فأتاه فوجده جالسا في بيته، منكسا رأسه، فقال: ما شأنك؟ فقال: شر، كان يرفع
صوته فوق صوت النبي ﷺ، فقد حبط عمله، وهو من أهل النار. فأتى الرجل فأخبره أنه قال
كذا وكذا. فقال موسى بن أنس: فرجع المرة الآخرة ببشارة عظيمة، فقال: (اذهب إليه،
فقل له: إنك لست من أهل النار، ولكن من أهل الجنة).
[٤٥٦٥]
(افتقد) أي لم يجده في القوم. (رجل) هو سعد
بن عبادة، وقيل غيره. (منكسا رأسه) مطرقا إلى الأرض على هيئة الحزين. (كان يرفع
صوته)
لأنه كان خطيب رسول الله ﷺ وخطيب
الأنصار. (حبط) ذهب أجره وبطل.
٣٤١٨ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ:
حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عن أبي إسحاق: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ
بْنَ عَازِبٍ رضي الله عنهما:
قرأ رجل الكهف، وفي الدار الدابة،
فجعلت تنفر، فسلم، فإذا ضبابة، أو سحابة، غشيته، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ ﷺ
فَقَالَ: (اقرأ فلان، فإنها السكينة نزلت للقرآن، أو تنزلت للقرآن).
[٤٥٥٩،
٤٧٢٤]
٣٤١٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يوسف:
حدثنا أحمد بن زيد بن إبراهيم، أبو الحسن الحزاني: حدثنا زهير بن معاوية: حدثنا
أبو إسحاق: سمعت البراء ابن عازب يقول:
جاء أبو بكر رضي الله عنه إلى أبي في
منزله، فاشترى منه رحلا، فقال لعازب: ابعث ابنك يحمله معي، قال: فحملته معه، وخرج
أبي ينتقد ثمنه، فقال له أبي: يا أبا بكر، حدثني كيف صنعتما حين سريت مَعَ رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ، قال: نعم، أسرينا ليلتنا ومن الغد، حتى قام قائم الظهيرة وخلا الطريق
لا يمر فيه أحد، فرفعت لنا صخرة طويلة لها ظل، لم تأت عليه الشمس، فنزلنا عنده،
وسويت للنبي ﷺ مكانا بيدي ينام عليه، وبسطت فيه فروة، وقلت: نم
⦗١٣٢٤⦘
يا رسول الله وأنا أنفض لك ما حولك،
فنام وخرجت أنفض ما حوله، فإذا أنا براع مقبل بغنمه إلى الصخرة، يريد منها مثل
الذي أردنا، فقلت: لمن أنت يا غلام، فقال: لرجل من أهل المدينة أو مكة، قلت: أفي
غنمك لبن؟ قال: نعم، قلت: أفتحلب، قال: نعم، فأخذ شاة، فقلت: انفض الضرع من التراب
والشعر والقذى، قال: فرأيت البراء يضرب إحدى يديه على الأخرى ينفض، فحلب في قعب
كثبة من لبن، ومعي إداوة حملتها للنبي ﷺ يرتوي منها، يشرب ويتوضأ، فأتيت النبي ﷺ
فكرهت أن أوقظه، فوافقته حين استيقظ، فصببت من الماء على اللبن حتى برد أسفله،
فقلت: اشرب يا رسول الله، قال: فشرب حتى رضيت، ثم قال: (ألم يأن الرحيل). قلت:
بلى، قال: فارتحلنا بعد ما مالت الشمس، واتبعنا سراقة بن مالك، فقلت: أتينا يا
رسول الله، فقال: (لا تحزن إن الله معنا). فدعا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
فارتطمت به فرسه إلى بطنها - أرى - في جلد من الأرض - شك زهير - فقال: إني أراكما
قد دعوتما علي، فادعوا لي، فالله لكما أن أرد عنكما الطلب، فدعا له النبي ﷺ فنجا،
فجعل لا يلقى أحدا إلا قال: كفيتكم ما هنا، فلا يلقى أحدا إلا رده، قال: ووفى لنا.
[ر: ٢٣٠٧]
أخرجه مسلم في الزهد والرقائق، باب:
في حديث الهجرة (حديث الرحل)، رقم: ٢٠٠٩. (رحلا) ما يوضع على الناقة كالسرج للفرس.
(ينتقد) يستوفي ويأخذ. (سريت) سرت في الليل. (قائم الظهيرة) نصف النهار حال استواء
الشمس، وسمي قائما لأن الظل لا يظهر حينئذ، فكأنه قائم واقف. (فرفعت لنا) ظهرت
لأبصارنا. (فروة) هي الجلد الذي يلبس، وقيل: المراد بها قطعة حشيش مجتمعة. (أنفض
لك ما حولك) أي من الغبار حتى لا يثيره الريح عليك، وقيل: أحرسك وأنظر جميع ما في
المكان. (قعب) قدح من خشب. (كثبة) قطعة من لبن قدر ملء القدح، وقيل: قدر حلبة
خفيفة. (يرتوي) يستقي. (فوافقته حين استيقظ) وافق مجيئي وقت استيقاظه. (فارتطمت)
غاصت قوائمها في تلك الأرض الصلبة. (جلد) هو الصلب المستوي من الأرض. (الطلب) جمع
طالب، وهو من يخرج يريدكما.
٣٤٢٠ - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ
عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:
أن النبي ﷺ دَخَلَ عَلَى
أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ، قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ إذا دخل على مريض يعوده قال:
(لابأس، طهور إن شاء الله). فقال له: (لابأس طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ). قَالَ:
قُلْتَ: طَهُورٌ؟ طلا، بَلْ هِيَ حُمَّى تَفُورُ، أَوْ تَثُورُ، عَلَى شَيْخٍ
⦗١٣٢٥⦘
كَبِيرٍ، تُزِيرُهُ الْقُبُورَ،
فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (فنعم إذا).
[٥٣٣٢،
٥٣٣٨، ٧٠٣٢]
(أعرابي) قيل هو قيس بن أبي حازم. (لابأس) لا
شدة عليك ولا عذاب، أي رفع الله عنك ذلك. (طهور) تكفير للذنوب. (كلا) أي ليس كما
قلت. (حمى) أي مرض مصحوب بالحر. (تفور) يظهر حرها. (تزيره) من أزاره إذا حمله على
الزيارة وأجبره. (فنعم إذا) أي لك ما أحببت ورغبت به من الموت.
٣٤٢١ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ رضي
الله عنه قال:
كان رجل نصرانيا فأسلم، وقرأ البقرة
وآل عمران، فكان يكتب للنبي
ﷺ، فعاد نصرانيا، فكان يقول: ما يدري
محمد إلا ما كتبت له، فأماته الله فدفنوه، فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا: هذا فعل
محمد وأصحابه لما هرب منهم، نبشوا عن صاحبنا فألقوه، فحفروا له فأعمقوا، فأصبح وقد
لفظته الأرض، فقالوا: هذا فعل محمد وأصحابه، نبشوا عن صاحبنا لما هرب منهم فألقوه،
فحفروا له وأعمقوا له في الأرض ما استطاعوا، فأصبح وقد لفظته الأرض، فعلموا: أنه
ليس من الناس فألقوه.
أخرجه مسلم في صفات المنافقين
وأحكامهم، رقم: ٢٧٨١. (فعاد) ارتد ورجع. (لفظته الأرض) رمته من القبر. (ليس من
الناس) أي من فعلهم.
٣٤٢٢ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ:
حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يونس، عن ابن شهاب قال: وأخبرني ابْنِ الْمُسَيَّبِ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إِذَا
هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ
بَعْدَهُ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا في
سبيل الله).
[ر: ٢٨٦٤]
٣٤٢٣ - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ: حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عن جابر ابن سمرة، رفعه،
قال: (إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا
كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هلك قيصر فلا قيصر بعده). وذكر وقال: (لتنفقن كنوزهما
في سبيل الله).
[ر: ٢٩٥٣]
٣٤٢٤ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ:
أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ عَبْدِ الله بن أبي حسين: حدثنا رافع بن جبير، عن ابن
عباس رضي الله عنهما قال:
قدم مسيلمة الكذاب عَلَى عَهْدِ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فجعل يقول: إن جعل لي محمد الأمر من بعده تبعته، وقدمها في بشر
كثير من قومه، فأقبل إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ومعه ثابت بن قيس بن شماس، وفي يد
رسول الله ﷺ قطعة جريد،
⦗١٣٢٦⦘
حتى وقف عَلَى مُسَيْلِمَةَ فِي
أَصْحَابِهِ فَقَالَ: (لَوْ سَأَلْتَنِي هَذِهِ الْقِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتُكَهَا،
وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْرَ الله فيك، ولئن أدبرت ليعقرنك الله، وإني لأراك الذي أريت
فيك ما رأيت).
فأخبرني أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال: (بينما أنا نائم، رأيت في يدي سوارين من ذهب، فأهمني
شأنهما، فأوحي إلي في المنام: أن انفخهما، فنفختهما فطارا، فأولتهما كذابين يخرجان
من بعدي). فكان أحدهما العنسي، والآخر مسيلمة الكذاب، صاحب اليمامة.
[٤١١٥،
٤١١٨، ٦٦٢٨، ٧٠٢٣، وانظر: ٤١١٦]
أخرجه مسلم في الرؤيا، باب: رؤيا
النبي ﷺ، رقم: ٢٢٧٣، ٢٢٧٤. (الأمر) الخلافة والحكم والنبوة. (جريد) هو غصن النخل
المجرد من ورقه. (أمر الله فيك) وهو خيبتك فيما أملته. (ليعقرنك) ليقتلنك ويهلكنك،
وأصله من عقر الإبل وهو ضرب قوائمها بالسيف وجرحها. (يخرجان بعدي) يظهران شوكتهما
ويحاربان أتباعي ويدعيان النبوة.
٣٤٢٥ - حدثني مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ:
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى - أُرَاهُ -
عَنِ النبي ﷺ قال: (رأيت فِي
الْمَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ، فَذَهَبَ
وَهَلِي إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ أَوْ هَجَرٌ، فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ
يَثْرِبُ، ورأيت في رؤياي هذه: أَنِّي هَزَزْتُ سَيْفًا فَانْقَطَعَ صَدْرُهُ،
فَإِذَا هُوَ مَا أُصِيبَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ هززته بأخرى
فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ، فَإِذَا هُوَ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْفَتْحِ
وَاجْتِمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ، وَرَأَيْتُ فِيهَا بَقَرًا، وَاللَّهِ خَيْرٌ،
فَإِذَا هُمُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَإِذَا الْخَيْرُ مَا جَاءَ الله به
مِنَ الْخَيْرِ وَثَوَابِ الصِّدْقِ الَّذِي آتَانَا اللَّهُ بعد يوم بدر).
[٣٧٦٥،
٣٨٥٣، ٦٦٢٩، ٦٦٣٤]
أخرجه مسلم في الرؤيا، باب: رؤيا
النبي ﷺ، رقم: ٢٢٧٢. (وهلي) وهمي وظني. (اليمامة) بلد من بلاد الحجاز. (هجر) مدينة
من اليمن. (بقرا) في رواية (بقرا تنحر) وقيل نحر البقرة هو قتل الصحابة يوم أحد.
(والله خير) أي سمع هذه الجملة في الرؤيا، وفسرها بقوله: وإذا الخير .. وقيل: هي
من قوله ﷺ، والمعنى: ما صنع الله تعالى بشهداء أحد هو خير لهم من بقائهم في
الدنيا. (ثواب الصدق) أي ما أثاب الله تعالى به المؤمنين ومن عليهم بتثبيت قلوبهم
بعد أحد، عندما خوفهم الناس بجمع المشركين لهم، فزادهم ذلك إيمانا، وقالوا: حسبنا
الله ونعم الوكيل. وهو المراد بقوله: بعد يوم بدر.
٣٤٢٦ - حدثنا أبو نعيم» حدثنا زكرياء، عن
فراس، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت:
أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشي
النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ
⦗١٣٢٧⦘
النَّبِيُّ ﷺ: (مَرْحَبًا
بِابْنَتِي). ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عن شماله، ثم أسر إليها حديثا
فبكت، فقلت لها: لم تبكين؟ ثم أسر إليها حديثا فضحكت، فقلت: ما رأيت كاليوم فرحا
أقرب من حزن، فسألتها عما قال، فقالت: ما كنت لأفشي رسول الله ﷺ، حتى قبض النبي ﷺ
فسألتها، فقالت: أسر إلي: (إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة، وإنه عارضني
العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي، وإنك أول أهل بيتي لحاقا بي). فبكيت، فقال:
(أما ترضين أن تكوني سيدة أهل الجنة، أو نساء المؤمنين).فضحكت لذلك.
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
فضائل فاطمة بنت النبي ﷺ، رقم: ٢٤٥٠. (يعارضني القرآن) من المعارضة وهي المقابلة
في القراءة عن ظهر قلب. (فرحا أقرب إلى حزن) أي كان الفرح قريب الحزن. (لأفشي) من
الإفشاء وهو الإظهار. (حضر أجلي). قرب موتي.
٣٤٢٧ - حدثني يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عن أبيه، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي
الله عنها قالت:
دعا النبي ﷺ فاطمة ابنته في شكواه
التي قبض فيها، فسارها بشيء فبكت، ثم دعاها فسارها فضحكت، قالت: فسألتها عن ذلك،
فقالت: سارني النبي ﷺ فأخبرني أنه يقبض في وجعه التي توفي فيه، فبكيت، ثم سارني
فأخبرني أني أول أهل بيته أتبعه، فضحكت.
[٣٥١١،
٤١٧٠، ٥٩٢٨ وانظر: ٣٠٤٨]
(شكواه) مرضه.
٣٤٢٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
عَرْعَرَةَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أبي بشر، عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس
قال:
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدني
ابن عباس، فقال له عبد الرحمن بن عوف: إن لنا أبناء مثله، فقال: إنه من حيث تعلم،
فسأل عمر ابن عباس عن هذه الآية: ﴿إذا جاء نصر الله والفتح﴾. فقال: أجل رسول الله
ﷺ أعلمه إياه، قال: ما أعلم منها إلا ما تعلم.
[٤٠٤٣،
٤١٦٧، ٤٦٨٥، ٤٦٨٦]
(يدني) يقرب. (مثله) أي في العمر، والمراد:
هو شاب ونحن شيوخ فلم تقدمه علينا. (من حيث تعلم) من أجل ما تعلمه من أنه عالم.
(الآية) أي السورة التي أولها هذه الآية. (أجل رسول الله) أي مجيء النصر والفتح
ودخول الناس في الدين، كل ذلك علامة قرب وفاته ﷺ. (أعلمه إياه) أخبره به.
٣٤٢٩ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سليمان بن حنظلة ابن الغسيل: حَدَّثَنَا
عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:
خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في مرضه
الذي
⦗١٣٢٨⦘
مات فيه بملحفة، قد عصب بعصابة
دسماء، حتى جلس عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ
قَالَ: (أما بعد، فإن الناس يكثرون ويقل الأنصار، حتى يكونوا في الناس بمنزلة
الملح في الطعام، فمن ولي منكم شيئا يضر فيه قوما وينفع فيه آخرين، فليقبل من
محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم). فكان آخر مجلس جلس فيه النبي ﷺ.
[ر: ٨٨٥]
(ابن الغسيل) في رواية بدون لفظ ابن، والمراد
بالغسيل حنظلة الصحابي، رضي الله عنه، الذي استشهد في أحد، وكان قد سمع الدعوة إلى
الجهاد فخرج وهو جنب كما أخبرت زوجته، ثم أخبر ﷺ أن الملائكة قد غسلته.
٣٤٣٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن آدم: حدثنا حسين الجعفي، عن أبي موسى، عَنْ
الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه:
أخرج النَّبِيُّ ﷺ ذَاتَ يَوْمٍ
الحسن، فصعد به على المنبر، فقال: (ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ
يُصْلِحَ به بين فئتين من المسلمين).
[ر: ٢٥٥٧]
٣٤٣١ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ:
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زيد، عن أَيُّوبُ، عَنْ حُمَيْدِ، بْنِ هِلَالٍ، عَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:
أن النبي ﷺ نعى جعفرا وزيدا قبل أن
يجيء خبرهم، وعيناه تذرفان.
[ر: ١١٨٩]
٣٤٣٢ - حدثني عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ:
حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (هل لكم من
أنماط). قلت: وأنى يكون لنا الأنماط؟ قال: (أما إنه سيكون لكم الأنماط). فأنا أقول
لها - يعني امرأته - أخري عني أنماطك، فتقول: ألم يقل النبي ﷺ: (إنها ستكون لكم
الأنماط). فأدعها.
[٤٨٦٦]
أخرجه مسلم في اللباس والزينة، باب:
جواز اتخاذ الأنماط، رقم: ٢٠٨٣. (أنماط) جمع نمط وهو بساط له خمل رقيق. (هل لكم من
أنماط) قال ذلك ﷺ لجابر، رضي الله عنه، حين تزوج. (أنى) من أين. (فأدعها) أتركها
على حالها مفروشة.
٣٤٣٣ - حدثني أحمد بن إسحاق: حدثنا عبيد
الله بن موسى: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ
مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال:
انطلق سعد بن معاذ معتمرا، قال: فنزل
على أمية بن خلف أبي صفوان، وكان أمية إذا انطلق إلى الشأم فمر بالمدينة نزل على
سعد، فقال أمية لسعد: انتظر حتى إذا انتصف النهار وغفل الناس
⦗١٣٢٩⦘
انطلقت فطفت، فبينا سعد يطوف إذا أبو
جهل، فقال: من هذا الذي يطوف بالكعبة؟ فقال سعد: أنا سعد، فقال أبو جهل: تطوف
بالكعبة آمنا، وقد آويتم محمد وأصحابه؟ فقال: نعم، فتلاحيا بينهما، فقال أمية
لسعد: لا ترفع صوتك على أبي الحكم، فإنه سيد أهل الوادي، ثم قال سعد: والله لئن
منعني أن أطوف بالبيت لأقطعن متجرك بالشام. قال فجعل أمية يقول لسعد: لا ترفع
صوتك، وجعل يمسكه، فغضب سعد فقال: دعنا عنك، فإني سمعت محمدا ﷺ يزعم أنه قاتلك،
قال: إياي؟ قال: نعم، قال: والله ما يكذب محمد إذا حدث، فرجع إلى امرأته، فقال:
أما تعلمين ما قال لي أخي اليثربي، قالت: وما قال؟ قال: زعم أنه سمع محمدا يزعم
أنه قاتلي، قالت: فوالله ما يكذب محمد، قال: فلما خرجوا إلى بدر، وجاء الصريخ،
قالت له امرأته: أما ذكرت ما قال لك أخوك اليثربي، قال: فأراد أن لا يخرج، فقال له
أبو جهل: إنك من أشراف الوادي فسر يوما أو يومين، فسار معهم، فقتله الله.
[٣٧٣٤]
(فتلاحيا) تخاصما وتنازعا وتسابا. (أهل
الوادي) أهل مكة. (أنه) أي النبي ﷺ يقتلك بواسطة أصحابه. (الصريخ) صوت المستصرخ
وهو المستغيث.
٣٤٣٤ - حدثني عبد الرحمن بن شيبة: حدثنا عبد
الرحمن بن المغيرة، عن أبيه، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عبد
الله، عن عبد الله رضي الله عنه:
أن رسول الله ﷺ قال: (رأيت الناس
مجتمعين في صعيد، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وفي
بعض نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا عمر، فاستحالت
بيده غربا، فلم أر عبقريا في النَّاسِ يَفْرِي فَرْيَهُ، حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ
بِعَطَنٍ).
وقال هَمَّامِ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: (فنزع أبو بكر ذنوبين).
[٣٤٧٣،
٣٤٧٩، ٦٦١٦، ٦٦١٧، وانظر: ٣٤٦٤]
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب:
من فضائل عمر رضي الله عنه، رقم: ٢٣٩٣. (رأيت) في المنام. (صعيد) هو في اللغة وجه
الأرض. (ذنوبا) الدلو الممتلئ ماء. (غربا) هو الدلو الكبير يسقى به البعير، وهو
أكبر من الذنوب، وتفسير هذا ما حصل من طول خلافته، وما كان فيها من فتح وخير.
(عبقريا) هو الحاذق في عمله، وعبقري قومه سيدهم. (يفري فري) يعمل عملا مصلحا وجيدا
مثله، ويقوى قوته.
٣٤٣٥ - حدثني عباس بن الوليد النرسي: حدثنا
معتمر قال: سمعت أبي: حدثنا أبو عثمان قال:
أنبئت أن جبريل عليه السلام أتى
النبي ﷺ وعنده أم سلمة، فجعل يحدث ثم قام، فقال النبي ﷺ لأم سلمة: (من هذا). أو
كما قال، قال: قالت: هذا دحية، قالت أم سلمة: وايم الله ما حسبته إلا إياه، حتى
سمعت خطبة نبي الله ﷺ بخبر جبريل، أو كما قال، قال: فقلت لأبي عثمان: ممن سمعت
هذا؟ قال: من أسامة بن زيد.
[٤٦٩٥]
(أتى النبي) أي وهو على غير صورته الأصلية.
(ايم الله) من ألفاظ القسم، وربما قطعت همزته. (كما قال) أي النبي ﷺ. (بخبر جبريل)
وفي رواية: (يخبر عن جبريل).
٢٣ - باب: قول الله تعالى: ﴿يعرفونه كما
يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون﴾ /البقرة: ١٤٦/.
(يعرفونه) أي إن أهل الكتاب يعرفون صحة ما
جاء به رسول الله ﷺ كما يعرف أحدهم ولده، والعرب كانت تضرب المثل في صحة الشيء
بهذا.
٣٤٣٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ بن أنس، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُمَرَ رضي الله عنهما:
أن اليهود جاؤوا إلى رسول الله ﷺ،
فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا، فَقَالَ لَهُمْ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرجم). فقالوا:
نفضحهم ويجلدون، فقال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: كَذَبْتُمْ، إِنَّ فِيهَا
الرَّجْمَ، فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا، فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ
عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، فَقَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا، فَقَالَ لَهُ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: ارْفَعْ يَدَكَ، فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا
آيَةُ الرجم، فقالوا: صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ، فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ، فَأَمَرَ
بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فرجما، قال عبد الله: فرأيت الرجل يجنأ على المرأة
يقيها الحجارة.
[ر: ١٢٦٤]
أخرجه مسلم في الحدود، باب: رجم
اليهود أهل الذمة في الزنا، رقم: ١٦٩٩. (في شأن الرجم) في أمره وحكمه. (نفضحهم)
نكشف مساويهم. (يجنأ) يكب عليها ليقيها، وفي نسخة (يحنأ) يغطيها، وفي نسخة (يحني)
وكلها راجعة إلى الوقاية.
٢٤ - باب: سؤال المشركين أن يريهم النبي ﷺ
آية، فأراهم انشقاق القمر.
٣٤٣٧ - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ:
أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عن ابن أبي نجيح، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي
مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال:
انشق القمر عَلَى عَهْدِ رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ
⦗١٣٣١⦘
شقين، فقال النبي ﷺ: (اشهدوا).
[٣٦٥٦،
٣٦٥٨، ٤٥٨٣، ٤٥٨٤]
أخرجه مسلم في صفات المنافقين
وأحكامهم، باب: انشقاق القمر، رقم: ٢٨٠٠.
٣٤٣٨ - حدثني عبد الله بن محمد: حدثنا يونس:
حدثنا شيبان، عن قتادة، عن أنس بن مالك. وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا
يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ:
أَنَّ أهل مكة سَأَلُوا رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ أن يريهم آية، فأراهم انشقاق القمر.
[٣٦٥٥،
٤٥٨٦، ٤٥٨٧]
أخرجه مسلم في صفات المنافقين
وأحكامهم، باب: انشقاق القمر، رقم: ٢٨٠٢. (آية) معجزة وعلامة خارقة للعادة.
٣٤٣٩ - حدثني خلف بن خالد القرشي: حدثنا أبو
بكر بن مضر، عن جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي
الله عنهما:
أن القمر انشق فِي زَمَانِ
النَّبِيِّ ﷺ.
[٣٦٥٧،
٤٥٨٥]
أخرجه مسلم في صفات المنافقين
وأحكامهم، باب: انشقاق القمر، رقم: ٢٨٠٣.
٣٤٤٠ - حدثني محمد بن المثنى: حَدَّثَنَا
مُعَاذٌ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ رضي الله عنه:
أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ
النَّبِيِّ ﷺ، خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ ﷺ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ،
وَمَعَهُمَا مثل المصباحين يضيآن بَيْنَ أَيْدِيهِمَا، فَلَمَّا افْتَرَقَا صَارَ
مَعَ كُلِّ واحد منهما واحد، حتى أتى أهله.
[ر: ٤٥٣]
٣٤٤١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
أَبِي الْأَسْوَدِ: حَدَّثَنَا يحيى، عن إسماعيل: حدثنا قيس: سمعت الْمُغِيرَةِ
بْنِ شُعْبَةَ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: (لا يزال ناس
مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وهم ظاهرون).
[٦٨٨١،
٧٠٢١]
أخرجه مسلم في الإمارة، باب: قوله ﷺ
لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ ..، رقم: ١٩٢١. (ظاهرين) قائمين بشرع الله عز وجل لا يغلبهم
أحد على ذلك. (أمر الله) قيل: هي الروح التي تأتي فتأخذ روح كل مؤمن ومؤمنة، وقيل:
قيام الساعة.
٣٤٤٢ - حدثنا الحميدي: حدثنا الوليد قال:
حدثني ابن جابر قال: حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ: أَنَّهُ سَمِعَ
مُعَاوِيَةَ يَقُولُ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: (لَا
يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم ولا من
خالفهم، حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك).
قال عمير: فقال مالك بن يخامر: قال
معاذ: وَهُمْ بِالشَّأْمِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: هَذَا مَالِكٌ
⦗١٣٣٢⦘
يَزْعُمُ أنه سمع معاذا يقول: وهم
بالشأم.
[ر: ٧١]
٣٤٤٣ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ: حدثنا شبيب بن غرقدة قال: سمعت الحي يحدثون، عَنْ
عُرْوَةَ:
أَنّ النَّبِيَّ ﷺ أَعْطَاهُ دينارا
يشتري له به شاة، فاشترى له به شاتين، فباع إحداهما بدينار، وجاءه بدينار وشاة،
فدعا له بالبركة في بيعه، وكان لو اشترى التراب لربح فيه.
قال سفيان: كان الحسن بن عمارة جاءنا
بهذا الحديث عنه، قال: سمعه شبيب من عروة، فأتيته، فقال شبيب: إني لم أسمعه من
عروة. قال: سمعت الحي يخبرونه عنه، ولمن سمعته يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ
يقول: (الخير معقود بنواصي الخيل إلى يوم القيامة). قال: وقد رأيت في داره سبعين
فرسا، قال سفيان: يشتري له شاة، كأنها أضحية.
(الحي) أي قبيلته. (عروة) البارقي رضي الله
عنه. (معقود)
مقرون ومربوط. (بنواصي الخيل) جمع ناصية، وهي مقدم الرأس، والمراد أن الخير ملازم
للخيل، سواء كانت للتجارة أم للحرب أم للركوب ونحو ذلك.
٣٤٤٤ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا
يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي
الله عنهما:
أن رسول الله ﷺ قال: (الخيل في
نواصيها الخير إلى يوم القيامة).
[ر: ٢٦٩٤]
٣٤٤٥ - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ:
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ
قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: (الخيل معقود
في نواصيها الخير).
[ر: ٢٦٩٦]
٣٤٤٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ
السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: (الْخَيْلُ
لِثَلَاثَةٍ: لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ،
فَأَمَّا الَّذِي لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَطَالَ
لَهَا فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا مِنَ الْمَرْجِ
أَوِ الرَّوْضَةِ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا
فَاسْتَنَّتْ شرفا أو شرفين، كانت أرواثها حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا
مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ ولم
⦗١٣٣٣⦘
يرد أن يسقيها، كان ذلك له حسنات.
ورجل ربطها تغنيا وسترا وتعففا، لم ينس حق الله في رقابها وظهورها فهي له كذلك
سِتْرٌ. وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَنِوَاءً لِأَهْلِ الإسلام فهي
وزر). وَسُئِلَ النَّبِيُّ ﷺ عَنِ الْحُمُرِ، فَقَالَ: (ما أنزل علي فيها إِلَّا
هَذِهِ الْآيَةُ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ
خَيْرًا يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذرة شرا يره﴾).
[ر: ٢٢٤٢]
٣٤٤٧ - حدثنا علي بن عبد الله: حدثنا أيوب،
عن محمد: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يقول:
صبح رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَيْبَرَ بكرة
وقد خرجوا بالمساحي، فلما رأوه قالوا: محمد والخميس، وأحالوا إلى الحصن يسعون،
فرفع النَّبِيُّ ﷺ يَدَيْهِ وَقَالَ: (اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ،
إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بساحة قوم فساء صباح المنذرين).
[ر: ٣٦٤]
(أحالوا) أقبلوا، وقيل: تحولوا. (خربت خيبر)
أي ستخرب في توجهنا إليها.
٣٤٤٨ - حدثني إبراهيم بن المنذر: حدثنا
ابْنُ أَبِي الْفُدَيْكِ، عَنْ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، إني
سمعت منك حديثا كثيرا فأنساه، قال: (ابسط رداءك). فبسطته، فغرف بيديه فيه، ثم قال:
(ضمه). فضممته، فما نسيت حديثا بعد.
[ر: ١١٩].
0 تعليقات